قوله: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ ﴾ هذا تسلية لهم أيضاً وأين اسم شرط جازم، وما صلة، وتكونوا فعل الشرط مجزوم بحذف النون والواو اسمها و ﴿ يُدْرِككُّمُ ﴾ جواب الشرط، و ﴿ ٱلْمَوْتُ ﴾ فاعله، والمعنى أن الموت يدرككم أينما تكونوا في أي زمان أو مكان متى حضر الأجل. قوله: ﴿ فِي بُرُوجٍ ﴾ جمع برج وهو القلعة والحصن. قوله: (مرتفعة) أي عالية البناء، أو المعنى مطلية بالشيد أي الجص وقوله: (أي اليهود) أي والمنافقين. قوله: (عند قدوم النبي المدينة) أي حيث دعاهم إلى الإيمان فكفروا فحصل لهم الجدب، فقالوا هذا شؤمه، والشؤم ضد اليمن والبركة. قوله: ﴿ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ أي خلقاً وإيجاداً. قوله: ﴿ فَمَالِ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ ﴾ الخ، أي أي شيء ثبت لهؤلاء لا يقربون من فهم الحديث والموعظة. قوله: (وما استفهام تعجيب) أي وتوبيخ. قوله: (أيها الإنسان) أي فهو خطاب عام لكل أحد وقيل الخطاب للنبي والمراد به غيره. قوله: ﴿ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ أي من شؤمك وسوء كسبك فنسبة ذلك إلى النفس مجاز، باعتبار سوء الكسب والشؤم من إسناد الشيء لسببه، وبهذا اندفع التنافي بين هذه الآية وبين قوله تعالى: ﴿ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ فنسبة الأشياء جميعها إلى الله من حيث الإيجاد، ونسبة الشر إلى العبد، فباعتبار أن سوء كسبه سبب ذلك، عن عائشة رضي الله عنها قالت:" وما من مسلمك يصيبه وصب لا نصب، ولا الشوكة يشاكها، وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر "وأما حديث" أشدكم بلاء الأنبياء الخ "فمعناه أن الله امتحنهم بالبلايا، وألقى عليهم الصبر والمحبة، فشاهدوا إعطاء الله في تلك البلايا، فصارت البلايا عطايا، فتحصل أن البلاء إما أن يكون من شؤم الذنب، وذلك للعصاة الذين لم يتلقوه بالرضا والتسليم، وإما أن يكون اختباراً أو امتحاناً، وذلك للأنبياء والصالحين ليرقيهم به أعلى الدرجات، ولذلك قال العارف الجيلي: تَلُذُّ لِي الآلاَمُ مُذْ اَنْتَ مُسْقَمِي وَإِنْ تَمْتَحِنِّي فَهِيَ عِنْدِي صَنَائِعقوله: ﴿ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً ﴾ والمعنى حيث ثبتت رسالته بشهادة الله، اتضح من ذلك أن من أطاعه أطاع الله. قوله: (فلا يهمنك) بضم الياء من أهم، أو بفتحها من هم، ومعناه لا يحزنك إعراضهم وقدره المفسر إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف.