قوله: ﴿ فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ ﴾ ما مبتدأ ولكم جاء ومجرور خبر، وفي المنافقين متعلق بما تعلق به الخبر، أو متعلق بمحذوف حال من فئتين، لأنه نعت نكرة تقدم عليها، أو متعلق بفئتين لتأويله بمشتق أي مفترقين، وقوله: ﴿ فِئَتَيْنِ ﴾ خبر لصار المحذوفة كما قدره المفسر. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ ﴾ الركس في الأصل النكس، وهو قلب الشيء على رأسه، فمعناه على هذا ردهم من حالة العلو وهو عز الإسلام، إلى السفل وهو ذل الكفر بالسبي والقتل. قوله: (ردهم) أي عن القتال ومنعهم منه، ولم يجر على أيديهم خير بسبب كسبهم، لما في الحديث" إن العبد ليحرم الخير بالذنب يصيبه "وفي نسخة بددهم أي فرق شملهم وجمعهم. قوله: (من الكفر الخ) بيان لما كسبوا، وقوله: (والمعاصي) عطف عام على خاص. قوله: (للإنكار) أي مع التوبيخ، والمعنى لا تفترقوا في قتلهم، أو لا تجعلوهم من المهتدين، ولا تعدوهم منهم، وهذا إشارة لليأس من هداهم، فلم يهتدوا بعد ذلك أبداً. قوله: ﴿ كَمَا كَفَرُواْ ﴾ نعت لمحذوف، والتقدير ودوا لو تكفرون كفراً مثل كفرهم. قوله: ﴿ فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ ﴾ مفرع على قوله: ﴿ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ والجمع باعتبار الأفراد. قوله: ﴿ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ ﴾ غاية في عدم اتخاذ الأولياء منهم، والمعنى امتنعوا من اتخاذ الأولياء منهم إلى أن تقع منهم الهجرة، بمعنى الجهاد في سبيل الله مخلصين له الدين. واعلم أن الهجرة ثلاثة أقسام: هجرة للمؤمنين في أول الإسلام وهي قوله تعالى للفقراء المهاجرين، وهجرة المنافقين وهي خروجهم للقتال من رسول الله صابرين محتسبين لأغراض الدنيا وهي المرادة هنا، وهجرة عن جميع المعاصي وهي التي قال فيها عليه الصلاة والسلام:" المهاجر من هجر ما نهى الله عنه "، قوله: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ ﴾ أي أعرضوا عن عما أمرتهم به، وقوله: (وأقاموا على ما هم عليه) دفع به ما يتوهم من قوله: ﴿ تَوَلَّوْاْ ﴾ أنه كان حصل منهم إقبال ثم أعرضوا، فأجاب بأن المراد أقاموا وداموا على ما هم. قوله: ﴿ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ أي في حل أو في حرم لأنهم من جملة الكفار، فيفعل بهم ما فعل بسائر الكفار.


الصفحة التالية
Icon