قوله: ﴿ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ ﴾ أي نفسه وذاته، وعبر عنها بالوجه لأنه أشرف أعضاء الإنسان. قوله: (وهو محسن) الجملة حال من ضمير أسلم. قوله: ﴿ واتَّبَعَ ﴾ إما عطف لازم على ملزوم، وعلة على معلول، أو حال ثانية، والقصد بذلك إقامة الحجة على المشركين جميعاً في عدم اتباعهم لمحمد صلى الله عليه وسلم، لأن إبراهيم متفق على مدحه حتى من اليهود والنصارى، فالمعنى ما تقولون فيمن اتبع ملة إبراهيم، فيقولون لا أحد أحسن منه، فيقال لهم إن محمداً على ملة إبراهيم فلِمَ لم تتبعوه وتتركوا ما أنتم عليه من عبادة غير الله. قوله: (حال) أي إما من ضمير اتبع أو من إبراهيم، ولصحة هذين المعنيين أجمل المفسر في الحال. قوله: (خالص المحبة له) أي لم يجعل في قلبه غير محبة ربه، لتخللها في حشاشته وانطباعها في مهجته، وقوله: ﴿ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾ كالدليل لما قبله، أي من اتخذه الله خليلاً فهو جدير بأن تتبع ملته. قوله: ﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾ هذا دليل ما تقدم، أي حيث كانت السماوات وما فيها، والأرض وما فيها لله وحده ولا مشارك له في شيء من ذلك، فما معنى إشراك من لا يملك لنفسه شيئاً، مع من له جميع المخلوقات، وهو آخذ بناصيتها، وقيل أتى بهذه الآية دفعاً لما يتوهم أن اتخاذ إبراهيم خليلاً عن احتياج كما هو شأن الآدميين، بل ذلك من فضله وكرمه. قوله: (علماً وقدرة) أشار بذلك لقولين في تفسير قوله: ﴿ مُّحِيطاً ﴾ قيل علماً وقيل قدرة وكل صحيح. قوله: (أي لم يزل) أشار بذلك إلى أن كان للاستمرار لا للانقطاع. قوله: (يطلبون منك الفتوى) أي بيان ما حكم الله به في شأنهن، والفتوى بالواو فتفتح الفاء والياء فتضم وجمعها فتاوي بكسر الواو، ويجوز الفتح للخفة.


الصفحة التالية
Icon