قوله: ﴿ خَافَتْ ﴾ الخوف توقع الأمر المكروه، فقوله: (توقعت) أي انتظرته. قوله: (زوجها) أي ويقال له سيد أيضاً، قال تعالى:﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا ﴾[يوسف: ٢٥] والسيد والبعل مختصان بالرجل، والزوج كما يطلق على الرجل يطلق على المرأة. قوله: (يترك مضاجعتها) الباء سببية، والمراد بالترك التقليل من ذلك. قوله: (والتقصير في نفقتها) أي التقليل منها، مع كونه لم يكن يترك الحقوق الواجبة، وإلا فصلحه بالمال على ترك الحقوق الواجبة يحرم عليه ولا يحل له أخذه، مع أن الموضوع أنه لا جناح عليه ولا عليها فيه فتأمل. قوله: (وطموح عينه) أي تلفته ونظره إلى غيرها قوله: (إلى أجمل منها) أي ولو بحسب ما عنده. قوله: ﴿ أَوْ إِعْرَاضاً ﴾ معطوف على ﴿ نُشُوزاً ﴾ والمراد بالإعراض عنها بوجهه عدم البشاشة معها ولقاؤها بوجه عبوس، قال الشاعر: وَلِلْغَدْرِ عَيْنٌ لَنْ تَزَالَ عبوسةٌ وَعَيْنُ الرِّضَا مَصْحُوبَةً بِالتَّبَسُّمِقوله: ﴿ فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ ﴾ أي لا إثم في ذلك على المرأة إذا صالحته على ترك القسم أو النفقة أو الكسوة، ولا على الرجل في قبول ذلك منها، ونفي الجناح على الرجل ظاهر لأنه يأخذ منها شيئاً، فهو مظنة الجناح، وأما نفي الجناح عن المرأة فمن حيث دفع ذلك، لأنه ربما يقال إنه كان كالربا، فإنه حرام على الدافع والآخذ. قوله: (فيه إدغام التاء) أي بعد قلبها صاداً وتسكينها. قوله: (وفي قراءة يصلحا) أي وهي سبعية، وقوله: ﴿ صُلْحاً ﴾ مفعول مطلق على كلا القراءتين، ويصح على القراءة الثانية جعله مفعولاً به إن ضمن يصلحا معنى يوفقا، وقوله: ﴿ بَيْنَهُمَا ﴾ حال من قوله: ﴿ صُلْحاً ﴾ لأنه نعت نكرة قدم عليها، وأقحمه إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون ذلك الصلح سراً لا يطلع عليه إلا أهلهما. قوله: (بأن نترك له شيئاً) أي بما لها عليه من الحقوق، كالنفقة والكسوة والمبيت، قوله: (فإن رضيت بذلك) جواب الشرط محذوف تقديره لزمها ذلك، قوله: ﴿ وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ هذه الجملة كالتي بعدها معترضة بين جملة الشرط الأولى والثانية، وقوله: ﴿ خَيْرٌ ﴾ اسم تفضيل والمفضل عليه محذوف، قدره المفسر بقوله: (من الفرقة) لا يقال الفرقة لا خير فيها إلا أن يقال قد يكون في الفرقة خير أيضاً لكنه متوهم، وأما خيرية الصلح فمحققة، وقيل إنه ليس على بابه، بل على الصلح خير من الخيور، كما أن النشوز شر من الشرور. قوله: ﴿ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ ﴾ الأنفس نائب فاعل، أحضرت مفعول أول، والشح مفعول ثان، والمعنى أحضر الله الأنفس الشح أي كل ما عليه، فمتى تعلقت الأنفس بشيء فلا ترجع عنه إلا بمشقة. قوله: (والمعنى) أي المراد من المعنى في ذلك ترغيب في الصلح، وترك هوى النفس. قوله: (عِشرة النساء) قدره إشارة إلى أن مفعول ﴿ تُحْسِنُواْ ﴾ محذوف. قوله: ﴿ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي بعلمكم من النساء خيراً أو شراً. قوله: (في المحبة) أي والمحادثة والمضاجعة. قوله: ﴿ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ ﴾ أي فلا تعرضوا كل الإعراض، بل يلزمكم العدل في المبيت وتركه حرام لما في الحديث: " من لك يعدل بين نسائه جاء يوم القيامة وشقه ساقط " وأما الميل القلبي إلى إحداهما فلا حرج فيه، ولذا قال عليه الصلاة والسلام:" اللَّهُم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك "قوله: (الممال عنها) على بمعنى عن، أي الممال عنها بمعنى المبغوضة. قوله: ﴿ كَٱلْمُعَلَّقَةِ ﴾ الكاف بمعنى مثل مفعول ثان لتذروا، والهاء مفعول أول، لأنها إذا كانت بمعنى ترك تنصب مفعولين. قوله: (التي لا هي أيم) الأيم هي التي لا زوج لها، كأن سبق لها زواج أو لم تتزوج أصلاً. قوله: ﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا ﴾ مقابل قوله: ﴿ فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا ﴾.
بقوله: (في الفضل) متعلق بواسعاً. قوله: ﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾ الخ، هذا كالعلة والدليل لقوله: ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً ﴾.
قوله: (فلا يضره كفركم) أي فليس أمرهم بالطاعة عن احتياج تنزه الله عن أن يصل له نفع من طاعتهم أو ضر من كفرهم، وهذا هو جواب الشرط، وقوله: ﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾ دليل الجواب قوله: ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ أي يستأصلكم بالمرة، وقوله: ﴿ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ﴾ أي يقوم آخرين دفعة مكانكم.