قوله: ﴿ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ ﴾ أي يعتقدون أنهم يبعثون ويرون ربهم، فقوله: بالبعث الباء سببية. قوله: ﴿ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ أي صائرون فيحاسبهم على أعمالهم فيدخلهم إما الجنة أو النار، وبهذا التفسير فلا تكرار بين قوله: (أهم ملاقوا ربهم)، وبين قوله: (وأنهم إليه راجعون). قوله: ﴿ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ كرر هذا النداء لطول الفصل، بناء على الخطاب في (واستعينوا بالصبر والصلاة) لغير بني إسرائيل ولتعداد النعم عليهم وللتأكيد لبلادتهم، فإن الذكي يفهم بالمثال الواحد ما لا يفهمه الغبي بألف شاهد. قوله: (بالشكر عليها) أي باتباع محمد والدخول في دينه، ولا ينفعهم الإنتساب لغيره مع وجوده. قوله: ﴿ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ﴾ في تأويل مصدر معطوف على نعمتي أي اذكروا نعمتي وتفضيلي إياكم. قوله: (أي آباؤكم) اشارة إلى أنه على حذف مضاف، فالفضل ثابت لآبائهم المتقدمين لا لمن وجد في زمنه صلى الله عليه وسلم، فإن المصر منهم على الكفر من همج الهمج. قوله: (عالمي زمانهم) دفع بذلك ما يقال إن المراد بالعالمين ما سوى الله، فيقتضى أن بني إسرائيل أفضل مما سواهم من الأولين والآخرين، فأجاب بأن المراد بالعالمين عالمو زمانهم وهذا هو المرتضى، وهناك أجوبة أخر منها أن المراد بآبائهم الأنبياء وهو مخدوش بأن ابراهيم أفضل من أنبياء بني إسرائيل، ومحمداً أفضل الخلق جميعاً، ومنها أن المراد تفضيل أمم بني إسرائيل على جميع الأمم وهو مخدوش أيضاً بأن أمة محمد أفضل الأمم جمعيا باتفاق لقوله تعالى:﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾[آل عمران: ١١٠]، ولذلك طلب موسى أن يكون منهم فلم يتم إلا الأول.