قوله: ﴿ قَالَ يَاوَيْلَتَا ﴾ كلمة تحسر، والألف بدل من ياء المتكلم، أي هذا أوانك فاحضري. قوله: ﴿ أَعَجَزْتُ ﴾ تعجب من عدم اهتدائه إلى ما اهتدى إليه الغراب. قوله: ﴿ فَأَصْبَحَ ﴾ أي صار من النادمين على حمله، أي أو على عدم اهتدائه للدفن أولاً، فلا يقال إن الندم توبة، فيقتضي أنه تاب فلا يخلد في النار. قوله: (الذي فعله قابيل) أي من الفساد. قوله: ﴿ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ إنما خصهم بالذكر، وإن كان القصاص في كل ملة، لأن اليهود مع علمهم بهذه المبالغة العظيمة، أقدموا على قتل الأنبياء والأولياء، وذلك يدل على قسوة قلوبهم. قوله: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا ﴾ أي تسبب في بقائها، إما بنهي قاتلها عن قتلها، أو بإطعامها وحفظها من الأسباب المهلكة. قوله: (أي من حيث انتهاك حرمتها) أي النفوس المقتولة، ولذا ورد في الحديث: " من سنّ سنة حسن فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " فقابل عليه وزر كل من وقع منه القتل من بني آدم لتسببه في ذلك، فإنه أول من وقع منه القتل. قوله: (ونزل) وجه المناسبة بينها وبين قصة ابني آدم ظاهرة، لأن قابيل قتل وأفسد في الأرض هو وذريته. قوله: (في العرنيين) جمع عرني نسبة لعرينة قبيلة من العرب، كجهني نسبة لجهينة، وكانوا ثمانية رجال قدموا المدينة وأظهروا الإسلام وكانوا مرضى، فاشتكوا له صلى الله عليه وسلم من مرضهم، فأمرهم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة، وكانت خمسة عشر ترعى في الجبل مع عتيق للمصطفى يقال له يسار النوبي، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل وارتدوا عن الإسلام، فقد وقع منهم المحاربة والقتل والسرقة والارتداد، فبلغ رسول الله خبرهم، فأرسل خلفهم نحو عشرين فارساً، فأتوا بهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم أي كحلهم بالنار، وتركهم بالحرة يعضون الحجارة ويستقون فلم يسقهم أحد. إن قلت: تسمير الأعين وموتهم بالجوع والعطش مثلة ورسول الله نهى عنها. أجيب بأجوبة منها: أنهوا فعلوا بالراعي كذلك، ومنها أن ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم فيهم، ومنها أن ذلك كان جائزاً ثم نسخ. قوله: (ويشربوا من أبوالها) أخذ مالك من ذلك طهارة فضله مأكول اللحم. قوله: (بمحاربة المسلمين) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف تقديره يحاربون أولياء الله وأولياء رسوله وهم المسلمون، وأفاد به أن هذا الأمر مستمر إلى يوم القيامة.