قوله: ﴿ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ الواو إما حالية أو استئنافية، وما نافية، ومن زائدة لاستغراق النفي، وإله مبتدأ والخبر محذوف تقديره كائن في الوجود، وإلا ملغاة، وإله بدل من الضمير في الخبر نظير لا إله إلا الله، والمقصود من ذلك التشنيع والرد عليهم في دعواهم التثليث، لأن حقيقة الإله هو المستغني عما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه، وليس شيء من ذلك وصفاً لعيسى ولا لأمه، ولا لأحد أبداً سواه سبحانه وتعالى. قوله: ﴿ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ جواب لقسم محذوف، وجواب الشرط محذوف لدلالة هذا عليه، والتقدير إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا الخ، نظير قوله تعالى:﴿ وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ ﴾[الأعراف: ٢٣].
قوله: (أي ثبتوا على الكفر) أشار بذلك إلى أن من في ﴿ مِنْهُمْ ﴾ للتبعيض لأن كثيراً منهم تابوا. قوله: (توبيخ) أي وإنكار وهذا استدعاء لهم إلى التوبة. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ الجملة حالية كالتعليل لما قبلها. قوله: ﴿ مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ ﴾ الخ، هذا استئناف مسوق لبيان إقامة الحجة عليهم وبطلان دعاويهم الباطلة، وما نافية والمسيح مبتدأ، وإلا أداة حصر ورسول خبره، وهو من حصر المبتدأ في الخبر، أي أن عيسى محصور في وصف الرسالة وليس بإله، فالمقصود من ذلك نفي الألوهية عنه. قوله: ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ أي ذهبت وفنيت. قوله: ﴿ صِدِّيقَةٌ ﴾ أي ملازمة للصدق، وهذان الوصفان لعيسى وأمه، مختصان بهما شرفهما الله بهما، ثم وصفهما بعد ذلك بوصف البشر الذين لا يميزهم عن الحيوانات الغير العاقلة فضلاً عن العاقلة. قوله: ﴿ كَيْفَ نُبَيِّنُ ﴾ كيف معمول لنبين لا لأنظر، لأن اسم الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله لأن له الصدارة: قوله: ﴿ ثُمَّ ٱنْظُرْ ﴾ هذا ترق في التعجب، ولذا أتى بثم المفيدة للتراخي. قوله: (مع قيام البرهان) أي الدليل الواضح على باهر قدرتنا وكمال صفاتنا. قوله: ﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ ﴾ هذا تبكيت لهم وإلزامهم الحجة. قوله: ﴿ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً ﴾ أي وهو عيسى، والمعنى لا يملك بذاته شيئاً أصلاً لا ضراً ولا نفعاً، وأما إجراء النفع أو الضر على يديه فبخلق الله لذلك ولو شاء لم يخلقه. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾ أي فهو أحق بالعبادة. قوله: (للإنكار) أي مع التوبيخ.


الصفحة التالية
Icon