قوله: ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ ﴾ هذا مرتب على قوله:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ ﴾[المائدة: ٨٧] لأن بعض الصحابة حلف على الترهب لظن أنه قربة، فلما نزلت الآية شكوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمين، فنزلت هذه الآية. قوله: (هو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف) أي بل بقصد التبرر أولا قصد له وهذا مذهب الشافعي، وأما عند مالك وأبي حنيفة فاللغو أن يحلف على ظنه فيتبين خلافه. وهذا في غير الطلاق وأما هو فلا ينتفع ففيه اللغو واللغو عند مالك وأبي حنيفة تكفر إن تعلقت بمستقبل فقط، لا إن تعلقت بحال أو ماض. والحاصل أنه إن قصد باليمين التبرر فهو لغو عند الشافعي لا عند مالك وأبو حنيفة، وأما إن سبق لسانه باليمين من غير قصد أصلا فهو لغو اتفاقاً، والحلف على ظن شيء فتبين خلافة اتفاقاً أيضاً. قوله: (وفي قراءة عاقدتم) والثلاث سبعيات، فالتخفيف ظاهر، والتشديد للمبالغة، وما مصدرية أي بتعقيدكم الأيمان. قوله: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ ﴾ مبتدأ، و ﴿ إِطْعَامُ ﴾ خبره وهو مضاف لمفعوله الأول، والمفعول الثاني قوله: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ ﴾ والفاعل محذوف قياساً يعود على الحالف تقديره إطعامه عشرة مساكين. قوله: (أي اليمين) إن قلت: إن اليمين مؤنثة فلم عاد الضمير عليها مذكراً؟ أجيب: بأنها تذكر بمعنى الحلف. قوله: (إذا حنثتم فيه) أي وهو الخلف بالله أو بصفة من صفاته القديمة، وأما الحلف بغير ذلك فلا حنث فيه، ثم هو إن كان مما يعظم شرعاً كالكعبة والنبي فقيل مكروه وقيل حرام، وإلا فهو ممنوع لما في الحديث: " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ". قوله: ﴿ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾ المراد ما يشمل الفقراء، والفقير هو من لا يملك قوت عامه، والمسكين من التصقت بيده بالتراب عند مالك. قوله: (لكل مسكين مد) أي وهو رطل وثلث بالبغدادي، وبالمصري رطل وأوقيتان وربع أوقية. قوله: ﴿ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ قدر المفسر المفعول الثاني بقوله منه والأوضح أن يقدره متصلاً به وأهليكم مفعول الأول. قوله: (أغليه) هذا تفسير لأوسط، فإن كان القمع غالب اقتياتهم مثلاً أخرج منه. ولو كان هو يفتات ذرة مثلاً. وهل المراد بالغالب وقت الإخراج وهو مذهب مالك أو في السنة وهو مذهب الشافعي. وقوله: (لا أعلاه ولا أدناه) أي لا تفهم أن المراد بالأوسط ما قابل الأعلى كالقمح. والأدنى كالدخن. بل المراد به الغالب في الاقتيات. كان هو في نفسه أعلى أو أدنى أو أوسط. ويكفي بدل الإمداد عند مالك، لكل واحد رطلان من خبز، أو إطعام العشرة غداء وعشاء. أو غداءين أو عشاءين. قوله: (بما يسمى كسوة) أي وإن لم يكن من غالب كسوة الناس لأن قيد الأوسطية مخصوص بالإطعام. واشترط مالك كون الكسوة تستر البدن للرجل ثوب، وللمرأة درع وخمار. قوله: (وعمامة وإزار) الواو بمعنى أو، ويكفي المنديل عند الشافعي. قوله: (وعليه الشافعي) أي ومالك. قوله: (كما في كفارة القتل والظهار) أي كما ثبت عند الفقهاء في كفارة القتل بالتصريح بمؤمنة، والظهار بحمل المطلق على المقيد، وهذا مذهب مالك والشافعي، وعند أبي حنيفة لا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا اتحد السبب، وأما هنا فقد اختلف السبب فلا حمل فيكفي في اليمين والظهار عند عنق الكافرة. قوله: ﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ ﴾ أي بأن لم يكن عنده ما يباع على المفلس بأن لم يكن عنده أزيد من قوت يومه، وهو مذهب مالك والشافعي في القديم، وقال في الجديد ينتقل للصيام إن لم يكن عنده ما يكفيه العمر الغالب. قوله: ﴿ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ﴾ أي فالكفارة مخير فيها ابتداء في الثلاثة مرتب انتهاء في الصيام، وأفضلها في التخيير عند مالك الإطعام ثم الكسوة ثم العتق، وعند الشافعي العتق ثم الكسوة ثم الإطعام. قوله: (كفارته) أشار بذلك إلى أن صيام مبتدأ خبره محذوف، والأوضح أن يقدر المحذوف هو المبتدأ. قوله: (وعليه الشافعي) أي ومالك خلافاً لأبي حنيفة في اشتراطه التتابع. قوله: (ما لم يكن على فعل بر) أي فالحنث أفضل. قوله: (كما في سورة البقرة) أي في قوله تعالى:﴿ وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾[البقرة: ٢٢٤] فمن حلف على شيء، وكان فعله خيراً من تركه، فالأفضل حنثه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. قوله: (ما ذكر) أي وهو حكم اليمين. قوله: (على ذلك) أي البيان فإنه من أعظم النعم.


الصفحة التالية
Icon