قوله: ﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ﴾ أي لن نصدقك في أن المخاطب لنا ربنا. قوله: (الصيحة) قيل صاح عليهم ملك، وقيل نزلت عليهم نار فأحرقتهم، وجمع بأنه أصابهم كل منهما. قوله: ﴿ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ أي فماتوا مترتبين واحداً بعد واحد ومكثوا ميتين يوماً وليلة والحي ينظر للميت. قوله: (ما حل بكم) إشارة إلى مفعول تنظرونقوله: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم ﴾ أي واحداً بعد واحد لتعتبروا وهذا الموت حقيقي وإنما أحيوا بشفاعة موسى ليستوفوا آجالهم المقدرة لهم، وما ذكره المفسر من أن السائل لرؤية الله جهرة هم السبعون المختارون للمناجاة أحد طريقتين والثانية أن السائل غيرهم، وأما المختارون فصعقوا من هيبة الله ولم يسألوا رؤية ولم يكن منهم انكار، فتضرع موسى لربه وقال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا، فأحياهم الله بعد ذلك، ويشهد لذلك ما في آية النساء فإن ما فيها يدل على أن طلب الرؤية كان قبل عبادة العجل. وأما السبعون المختارون للمناجاة فكانوا بعد عبادة العجل قال تعالى في سورة النساء:﴿ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً ﴾[النساء: ١٥٣] الآية، وأما ما هنا فالواو لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً فإن ما هنا بصدد تعداد ما قالوا، ويشهد لذلك أيضاً أنه عبر في جانب من طلب الرؤية بالصاعقة وهي أخذة غضب، وفي جانب من يسمع الكلام بالرجفة وهي أخذة هيبة، ولا تقتضي الغضب إذ علمت ذلك، فما مشى عليه المفسر مشكل من وجوه والأقرب الطريقة الثانية. قوله: (سترناكم بالسحاب) حاصلة أن الله أوحى إلى موسى أن في أريحا قوماً جبارين فتجهز لقتالهم، فخرج في ستمائة ألف فلما وصل التيه واد بين الشام ومصر وقدره تسعة فراسخ مكثوا فيه أربعين سنة متحيرين، وكانوا يبتدئون السير من أول النهار فإذا جاء الليل وجدوا أنفسهم في المبتدأ وهكذا، وسيأتي بسطة في المائدة، ومات هارون قبل موسى بسنة وكانت بالتية، ولما توفي هارون وذهب موسى لدفنه أشاعوا أنه قتل أخاه فذهب إلى قبره ودعاهم وسأله عن سبب موته فبرأه، ولما حضرت موسى الوفاة تمنى أن يدفن بمحل قريب من الأرض المقدسة قدر رمية الحجر فأجابه الله، ثم لما مات ومات كبارهم نبئ يوشع بن نون عليهم فوقفوا بعد تمام الأربعين سنة لقتال الجبارين، فتوجه مع من بقي من بني إسرائيل فكان النصر على يديه. قوله: (الترنجين) شيء يشبه العسل الأبيض وقيل هو هو. قوله: (والطير السمانى) أي بإرسال ريح الجنوب به، قيل كان يأتيهم مطبوخاً، وقيل كانوا يطبخونه بأيديهم، قيل هو الطير المعروف وقيل طير يشبهه. قوله: ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ أي مسلتذات الذي رزقناكموه، فما اسم موصول وما بعده صلة والعائد محذوف، ويصح أن تكون نكرة والجملة بعدها صفة، وأن تكون مصدرية والجملة صلتها ولم تحتج إلى عائد ويكون المصدر واقعاً موقع المفعول أي من طيبات مرزوقنا. قوله: (فقطع عنهم) هذا أحد تفسيرين أن القطع بسبب الإدخار، وقيل إن القطع بسبب تمني غيره كما يأتي في قوله تعالى:﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ ﴾[البقرة: ٦١].
قوله: ﴿ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ ﴾ جمع في هذه الآية وآية الأعراف بين لكن وكانوا واقتصر على لكن، ولم يذكر كانوا في آل عمران، لأن ما هنا والأعراف حكاية عن بني إسرائيل، وأما آل عمران فمثل ضربه الله فهو مستمر إلى الآن فناسب عدم التعبير بكان.


الصفحة التالية
Icon