قوله: ﴿ وَهُوَ ٱللَّهُ ﴾ مبتدأ وخبر، والضمير عائد على المتصف بالأوصاف المتقدمة، و ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ ﴾ متعلق بوصف تضمنه ذلك اعلم، لأن الله موضوع للذات الواجبة الوجود المستحقة لجميع المحامد، فيكون المعنى والله المستحق للعبادة في السماوات الخ، وهذا ما درج عليه المفسر، وبذلك يجاب عن آية (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) وقيل متعلق بنعت محذوف تقديره وهو الله المعبود في السماوات الخ، على حد قول ابن مالك: ومن المنعوت والنعت عقل. يجوز حذفه. وقيل متعلق بيعلم والتقدير: يعلم سركم في السماوات والأرض وقيل متعلق بسركم وجهركم، ولكن يلزم عليه تقديم معمول المصدر عليه، إلا أن يقال يغتفر في الظروف والمجرورات ما لا يغتفر في غيرها. قوله: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ إن قلت إن الكسب لا يخرج عن السر والجهر والعطف يقتضي المغايرة أجيب: بأن المراد بالكسب ما يترتب عليه من الثواب والعقاب، والمعنى يعلم أفعالكم وأقوالكم السرية والجهرية، ويعلم جزاءها من ثواب وعقاب. قوله: ﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ ﴾ كلام مستأنف بيان لزيادة قبحهم وكفرهم بعد ظهور الآيات البينات. قوله: ﴿ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ ﴾ من تبعيضية والآيات يحتمل أن يكون المراد بها القرآن، فإتيانها نزولها على رسول الله وعليه اقتصر المفسر أو الكونية كالمعجزات فالمراد بإتيانها ظهورها، والأحسن أن يراد ما هو أعم. قوله: ﴿ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾ الجملة حالية من الضمير في تأتيهم، وقوله معرضين ضمنه معنى غافلين فعداه بعن، وإلا فالإعراض بمعنى الترك لا يتعدى بعن. قوله: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُواْ ﴾ تفريع على ما قبله وتفصيل لبعضه. قوله (بالقرآن) أي وغيره من بقية المعجزات. قوله: ﴿ لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾ ظرف لقوله كذبوا. قوله: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ ﴾ وعيد عظيم مرتب على تكذيبهم وهو لا يتخلف، لأن وعيد الكفار وعد حسن للمؤمنين فهو وعد باعتبار، ووعيد باعتبار آخر فعدم تخلفه باعتبار كونه وعداً، قال تعالى﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ ﴾[الروم: ٤٧].
قوله: ﴿ أَنْبَاءُ ﴾ جمع نبأ وهو الخبر العظيم المزعج، وجمعه إشارة إلى تكرر الجزاء لهم في الدنيا ويوم القيامة. قوله: ﴿ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ ما اسم موصول وكانوا صلته، والمعنى فسوف يأتيهم جزاء الذي كانوا يستهزؤون به في العاجل بالقتل والأسر، والآجل بالعذاب الدائم في النار.