قوله: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ ﴾ رد لقولهم له كيف تترك دين آبائك، وغير مفعول أول لاتخذوا قدمه اعتناء بنفي الغيرية، وولياً مفعول ثان. قوله: (أعبده) تفسير لأتخذ، فالمراد بالولي هنا المعبود، ويطلق باشتراك على معان منها المعبود ولا يكون إلا الله، وهو قوله تعالى:﴿ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ ﴾[الشورى: ٩]،﴿ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾[البقرة: ٢٥٧] ويطلق على القريب والصاحب وعلى المنهمك في طاعة الله. قوله: ﴿ فَاطِرِ ﴾ بدل من لفظ الجلالة أو نعت. إن قلت إن فاطر اسم فاعل وإضافته لفظية لا تفيده التعريف، ولفظ الجلالة أعرف المعارف، وشرط النعت موافقته لمنعوته في التعريف. أجيب بأن محل كون إضافته لفظية إن كان معناه التجدد والحدوث، وأما هنا فهو من قبيل الصفة المشبهة، فيكون وصفاً ثابتاً له، وهذه الجملة كالدليل لما قبلها. قوله: (مبدعهما) أي موجدهما على غير مثال سبق، ففاطر من الفطرة وهي الخلقة، وفطر خلق وأنشأ، قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى فطر وفاطر، حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر، فقال أحدهما أنا فطرتها أي أنشأتها وابتدأتها. قوله: (أي يرزق) تفسير بالأعم، لأن المعنى يرزق مطعوماً أو غيره، فليس المراد من الآية قصره على المطعوم. قوله: ﴿ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ أي لأن المرزوق محتاج لمن يرزقه، وتنزه الله عن الاحتياج. قوله: ﴿ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾ يحتمل أن من نكرة موصوفة، فجملة أسلم صفة. والمعنى أن أكون أول فريق أسلم، أو اسم موصول وما بعدها صلة، والتقدير أول الفريق الذي أسلم. وقوله: ﴿ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ ﴾ الخ أي أمرني ربي أن أكون أول المسلمين، لأنه يجب عليه الإيمان بأنه رسول، وبما جاء به من الشرع والأحكام، فهو أول المسلمين على الإطلاق. قوله: ﴿ وَ ﴾ (قيل لي الخ) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ ﴾ معمول لأخاف، وجملة ﴿ إِنْ عَصَيْتُ ﴾ شرطية وجوابها محذوف دل عليه قوله: ﴿ أَخَافُ ﴾ وهي معترضة بين الفعل وهو أخاف، ومعموله وهو عذاب. قوله: ﴿ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ ﴾ من اسم شرط، ويصرف فعل الشرط، ونائب الفاعل مستتر يعود على العذاب على القراءة الأولى، والفاعل الله على القراءة الثانية، وعنه جار ومجرور متعلق بيصرف. وقوله: ﴿ فَقَدْ رَحِمَهُ ﴾ جواب الشرط، وهو معنى قوله تعالى:﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾[آل عمران: ١٨٥].
قوله: (وللفاعل) أي والمفعول محذوف تقديره العذاب، والمعنى من يصرف الله العذاب عنه يوم القيامة فقد رحمه، في ذلك تعريض بأن الكفار لا يرحمون لأنه لا يصرف عنهم العذاب قوله: (والعائد محذوف) الأوضح أن يقول والمفعول محذوف، وهو ضمير يعود على العذاب، لأن الضمير العائد على من مذكور بقوله عنه، وأيضاً لا يحتاج للعائد إلا الموصول، ومن هنا شرطية لا موصولة. قوله: ﴿ وَذَلِكَ ﴾ أي النجاة يوم القيامة.