قوله: ﴿ قُلِ ٱللَّهُ ﴾ مبتدأ خبره محذوف أي أكبر شهادة. وقوله: ﴿ شَهِيدٌ ﴾ خبر لمحذوف قدره المفسر فالكلام جملتان، ويحتمل أن الله مبتدأ خبره شهيد، فالكلام جملة واحدة. قوله: ﴿ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ المراد بشهادة الله إظهار المعجزات على يده، فإن المعجزات منزلة منزلة قول الله صدق عبدي في كل ما يبلغ عني. قوله: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ ﴾ هذا دليل لشهادة الله، والمعنى أن الله شهيد، لأن القرآن ناطق بالحجة القاطعة، وهو من عنده فلا يرد كيف اكتفى منه عليه الصلاة والسلام بقوله الله شهيد، مع أن ذلك لا يكفي من غيره الاقتصار على الإنذار لأن الكلام مع الكفار، وبنى أوحى للمجهول للعلم بفاعله. قوله: (عطف على ضمير أنذركم) أي ﴿ وَمَن ﴾ موصولة، و ﴿ بَلَغَ ﴾ صلتها، والتقدير وأنذر الذي بلغه القرآن. (من الإنس والجن) أي إلى يوم القيامة، وفيه دلالة على عموم رسالته، واستمرارها من غير ناسخ إلى يوم القيامة. قوله: ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ ﴾ اللام لام ابتداء زحلقت الخبر. قوله: (استفهام إنكاري) أي والمعنى لا يصح منكم هذه الشهادة لأن المعبود واحد. قوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ إنما أداة حصر، وما كافة، وهو مبتدأ، وإله خبره، وواحد صفته، وهو زيادة في الرد عليهم، وهو من حصر المبتدأ في الخبر. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ ﴾ أي اليهود والنصارى، فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل. قوله: (أي محمداً) تفسير للضمير في ﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾، ويصح أن يرجع الضمير للقرآن أو لجميع ما جاء به رسول الله من التوحيد وغيره. قوله: ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ﴾ أي معرفة كمعرفتهم لأبنائهم، وهذا من التنزلات الربانية، وإلا فهم يعرفونه أشد من معرفتهم لأبنائهم لما روي أن عمر بن الخطاب سأل عبد الله ابن سلام بعد إسلامه عن هذه المعرفة، فقال: يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني، ولأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني، فقال عمر: كيف ذلك؟ فقال أشهد أنه رسول الله حقاً ولا أدري ما تصنع النساء. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ مبتدأ والجملة نعت للذين آتيناهم الكتاب، ويؤيده قول المفسر منهم. قوله: ﴿ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ خبر المبتدأ وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط وهو العموم، والمعنى أن من سبق في علم الله خسرانه، فلا يتأتى له الإيمان في الدنيا، وذلك أن الله جعل لكل إنسان منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار، وقد علمت مما تقدم أن المؤمن واحد من ألف، فتكون منازل الكفار التي يرثها المؤمنون في الجنة لكل واحد تسعمائة منزل وتسعة وتسعون تضم لمنزلته، ومنازل المؤمنين التي تركت لأهل النار منزل من ألف يزاد لهم، فيؤخذ منه أن الجنة واسعة جداً، وأن النار ضيقة جداً لا سيما مع عظم جسم الكافر فيها، حيث يكون ضرسه كأحد. قال تعالى﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ ﴾[آل عمران: ١٣٣] وقال تعالى:﴿ وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ ﴾[الفرقان: ١٣].
قوله: (به) أي بمحمد أو بالله أو بالقرآن أو بما جاء به محمد. قوله: (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، والمعنى ليس أحد أظلم ممن فعل واحداً من الأمرين الافتراء والتكذيب، فما بالك بمن جمع بينهما كالمشركين وأهل الكتاب، فإن كلاً منهما وقع منه الأمران. قوله: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ أي لا يفوزون بمطلوبهم. وقوله: (بذلك) أي بسبب ما ذكر وهو الافتراء أو التكذيب.