﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ نزل استبعاد قسوة قلوبهم لظهور الخوارق للعادات العظيمة منزلة التراخي، فأتى بثم وأكده بالظرف بعده. قوله: (أيها اليهود) دفع ذلك ما يقال إنه خطاب لغير بني إسرائيل كالذي قبله. قوله: (صلبت عن قبول الحق) أشار بذلك إلى أن في قست استعارة تصريحية تبعية حيث شبه عدم الإذعان بالقسوة بجامع عدم قبول التأثير في كل، واستعير اسم المشبه به للمشبه واشتق من القساوة قست بمعنى لم تذعن فلم تقبل المواعظ ولم تؤثر فيها. قوله: ﴿ فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ ﴾ لم يشبههم بالحديد لوجود اللين فيه في الجملة. قوله: ﴿ أَوْ أَشَدُّ ﴾ هذ ترق في ذكر قسوتهم فأو بمعنى بل. قوله: (فيه إدغام التاء إلخ) أي فأصله يتشقق فأبدلت التاء شيئاً ثم أدغمت فيها. قوله: ﴿ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ﴾ أي أنهاراً أو غيرها كالعيون فهو من عطف العام على الخاص. قوله: (ينزل من علو إلى أسفل) أي كجبل الطور، وورد ما من حجر يسقط من علو إلى أسفل إلا من خشية الله. قوله: ﴿ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ﴾ أخذ أهل السنة من ذلك ومن قوله تعالى:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾[الإسراء: ٤٤] ومن قوله تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾[النور: ٤١] الآية، أن كل شيء يعرف الله ويسبحه ويخشاه إلا الكافر من الإنس والجن. قوله: ﴿ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ ﴾ ما نافية ولفظ الجلالة اسمها وبغافل خبرها، وقوله عما تعملون يحتمل أن ما اسم موصول وتعلمون صلته والعائد محذوف أي عن الذي تعملونه، ويحتمل أنها مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي عن عملكم. قوله: ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ ﴾ سيأتي للمفسر أن الهمزة للإنكار، فيحتمل أنها مقدمة من تأخير والأصل فاتطمعون قدمت لأن لها الصدارة وهو مذهب الجمهور، وقال الزمخشري إن الهمزة داخلة على محذوف والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، التقدير أتسعمون كلامهم وتعرفون احوالهم فتطمعون إلخ أي لا يكون منكم ذلك، واعلم ان الهمزة لا تدخل إلا على ثلاثة من حروف العطف الواو والفاء وثم. قوله: ﴿ أَن يُؤْمِنُواْ ﴾ أي يستبعد ذلك منهم لافتراقهم أربع فرق في كل فرقة صفة مانعة من الإيمان، الأول كونهم يحرفون كلام الله، الثاني النفاق، الثالث التوبيخ من غير المنافق على ملاطفة المسلمين، الرابع كونهم أميين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، فهذه يستبعد معها الإيمان لرسوخ الكفر في قلوبهم. قوله: ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ ﴾ الجملة حالية وقد قربت الماضي من حال، والمراد من كان النسبة لأن هذا الكلام فيمن كان موجوداً زمن النبي لا فيمن كان قبلهم. قوله: (أحبارهم) علماؤهم جمع حبر بالكسر ويقال بالفتح وجمعه حبور كفلس وفلوس. قوله: ﴿ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ ﴾ أي من بعد تعقلهم إياه وتحريفهم في الكلام كأوصاف النبي من كونه أكحل العينين جعد الشعر، فغيروه إلى أزرق العينين سبط الشعر، وآية الرجم غيروها إلى الجلد وغير ذلك. قوله: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ الجملة حالية من فاعل يحرفون. قوله: (أنهم مفترون) أشار بذلك إلى أن مفعول يعلمون محذوف، والإفتراء هو الكذب الذي لا شك فيه. قوله: (للإنكار) أي الاستبعادي. قوله: (أي لا تطعموا) عبر بالطمع دون الرجاء، إشارة إلى فقد أسباب الإيمان منهم وعدم قابليتهم له. قوله: (فلهم سابقة في الكفر) أي كفر سابق قبل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم اياهم للإيمان، وهذه الجملة علة لقوله لا تطمعوا.