قوله: ﴿ يَابَنِيۤ ءَادَمَ ﴾ الخ بسبب نزولها كما قال ابن عباس: أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة، الرجال بالنهار والنساء بالليل، يقول لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها، وكانوا لا يأكلون في أيام حجهم إلا قوتاً، ولا يأكلون لحماً ولا دسماً، يعظمون بذلك حجهم، فهم المسلمون أن يفعلوا كفعلهم. قوله: (ما يستر عورتكم) راعى في هذا المحل سبب النزول، وأصل الواجب وعموم اللفظ يفيد أن المطلوب في الصلاة والطواف ومشاهد الخير جميل الثياب كما هو المندوب شرعاً تأمل. قوله: ﴿ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ المسجد في الأصل موضع السجود، ثم أطلق وأريد منه نفس الصلاة والطواف، من باب تسمية الحال باسم المحل، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالذي ينبغي للأمة التجمل بالثياب عند حضور مشاهد الخير مع القدرة. قوله: ﴿ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ ﴾ أي من الحلال فإنه رأس التقوى. قوله: ﴿ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ ﴾ أي بأن تحرموا الحلال كما كانوا يفعلون من امتناعهم من اللحم والدسم، أو تحلوا الحرام أو تتجاوزوا الحد في الأكل والشرب، كالتعمق في ذلك أو الإكثار المضر، لما في الحديث: " أصل كل داء البردة وهي إدخال الطعام على الطعام " فالمناسب أن لا يأكل حتى يجوع، وأن يقوم ونفسه تشتهي، فإن ملك النفس عن الإسراف في المباح، أكبر دليل على ملكها عن الحرام. قوله: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾ أي يعاقبهم على ذلك ولا يرضى فعلهم. قوله: (إنكاراً عليهم) أي وتوبيخاً لهم، وحيث كان إنكارياً فلا جواب له.


الصفحة التالية
Icon