قوله: ﴿ أَهَـۤؤُلاۤءِ ﴾ استفهام تقرير وتوبيخ. قوله: ﴿ أَقْسَمْتُمْ ﴾ أي باللات والعزى. وقوله: ﴿ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ﴾ هذا هو المقسم عليه، ويؤخذ من الآية أن أهل الأعراف ناظرون لأهل الجنة وأهل النار، وأن أهل النار ناظرون لأهل الأعراف وأهل الجنة، وهذا لمزيد الحسرة لهم، فهم يعذبون بالنار والتبكيت من أهل الأعراف. قوله: (وقد قيل لهم) قدره إشارة إلى أن قوله: ﴿ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ ﴾ مقول لذلك القول المحذوف ليصح جعلها خبراً ثانياً، لأن الجملة الطلبية لا يصح وقوعها خبراً إلا إذا أولت بخبر. قوله: (وقرئ ادخلوا الخ) هاتان شاذتان على عادته، حيث يعبر عن الشاذ بقرئ، وعن السبعي بوفي قراءة، وعلى هاتين القراءتين فلا يحتاج لتقدير القول، لأن الجملة خبرية. قوله: (جملة النفي) أي جنسها الصادق بالجملتين وهما: ﴿ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾.
قوله: (حال) أي معمول لحال محذوفة، ففي كلامه تسمح، وهذا على القراءتين الشاذتين، وأما على القراءة السبعية فلا يحتاج لذلك. قوله: ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ﴾ قاله ابن عباس رضي الله عنهما: لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة، طمع أهل النار في الفرج عنهم فقالوا: يا رب إن لنا قرابات من أهل الجنة، فائذن لنا حتى نراهم ونكلمهم، فيأذن لهم، فينظرون إلى قراباتهم في الجنة وما هم فيه من النعيم فيعرفونهم، وينظر أهل الجنة إلى قراباتهم من أهل النار فلم يعرفوهم لسواد وجوههم، فينادي أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم، فينادي الرجل أباه وأخاه فيقول: قد احترقت أفض علي من الماء، فيقال لهم: أجيبوهم، فيقولون: إن الله حرمهما على الكافرين. قوله: (من الطعام) أي الشامل للمشروب والمأكول، وحينئذ فيضمن: ﴿ أَفِيضُواْ ﴾ معنى ألقوا، نظير علفتها تبناً وماء بارداً، و ﴿ أَوْ ﴾ بمعنى الواو بدليل قوله: ﴿ حَرَّمَهُمَا ﴾ وإلا لو بقيت على بابها من التخيير لأعيد الضمير مفرداً. قوله: (منعهما) أي فالتعبير بالتحريم مجاز لانقطاع التكليف بالموت، ويعلم من هذا أنه لا يتأثر أهل الجنة بعذاب أهل النار لتقطع الأسباب بينهم، ونزع الرحمة من قلوب أهل الجنة لأهل النار لاستحقاقهم ما هم فيه من العذاب.


الصفحة التالية
Icon