قوله: ﴿ وَجَاوَزْنَا ﴾ شروع في قصة بني إسرائيل، وما وقع من كفر النعمة والقبائح، والمقصود من ذلك تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتخويف أمته من أن يفعلوا مثل فعلهم. قوله: (عبرنا) العبر هو الانتقال من جانب لآخر، لانتقالهم من الجانب الشرقي للغربي. قوله: (بضم الكاف وكسرها) أي من بابي نصر وضرب، وهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ﴾ قيل هي حجارة على صور البقر، وقيل بقر حقيقة، وكان هؤلاء القوم العاكفون من الكنعانيين الذين أمر موسى بقتالهم بعد ذلك. قوله: ﴿ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ﴾ القائل بعضهم لا جميعهم. قوله: ﴿ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً ﴾ قيل إنهم مرتدون بهذه المقالة لقصدهم بذلك عبادة الصنم حقيقة، وقيل ليسوا مرتدين، بل هم جاهلون جهلاً مركباً، لاعتقادهم أن عبادة الصنم بقصد التقرب إلى الله تعالى لا تضرهم في الدين، وعلى كل فهذه المقالة في شرعنا ردة، والجار والمجرور مفعول ثان، والهاء مفعول أول، وقوله: ﴿ كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ صفة لإلهاً، وما اسم موصول، ولهم صلتها، وآلهة بدل الضمير المستتر في لهم، والتقدير أجعل إلهاً لنا كالذي استقر لهم الذي هو آلهة. قوله: ﴿ إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ ﴾ جملة مستأنفة قصد بها توبيخهم وزجرهم. قوله: ﴿ مَّا هُمْ فِيهِ ﴾ أي من الدين الباطل، وهو عبادة الأصنام. قوله: ﴿ قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ ﴾ الاستفهام للإنكار والتوبيخ. قوله: ﴿ أَبْغِيكُمْ ﴾ أي أطلب واقصد لكم. قوله: (وأصله أبغي لكم) أي فحذف الجار فاتصل الضمير. قوله: ﴿ وَهُوَ فَضَّلَكُمْ ﴾ الجملة حالية من لفظ الجلالة. قوله: (في زمانكم) أي بإنجائكم وإغراق عدوكم، وإنزال المن والسلوى عليكم، وليس تفضيلهم على جميع العالمين، فإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الأمم. قوله: ﴿ وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ ﴾ هذا من كلام موسى، فإسناد الإتجاه إليه مجاز، لكونه على يده وسبباً فيه حيث ضرب بعصاه البحر فانفلق. قوله: (وفي قراءة أنجاكم) أي وهي ظاهرة، فإن الفاعل ضمير عائد على الله، وهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ يَسُومُونَكُمْ ﴾ من السوم وهو الآذاقة. قوله: ﴿ يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ ﴾ قدر المفسر (هم) إشارة إلى أن يقتلون بيان ليسومونكم. قوله: ﴿ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ﴾ أي لخدمتهم. قوله: (الانجاء أو العذاب) أشار بذلك إلى اسم الإشارة يصح عوده على الإنجاء ومعنى كونه بلاء أنه يختبرهم هل يشكرون فيؤجروا، أو يكفرون فيعاقبوا، وعوده على العذاب ظاهر، فالابتلاء كما يكون في الشر، يكون في الخير، قال تعالى:﴿ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾[الأنبياء: ٣٥] فالشكر على النعمة موجب لزيادتها كما أن الصبر على البلايا، موجب لرضا الله، قال تعالى:﴿ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾[البقرة: ١٥٥-١٥٦].
قوله: (بألف ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان، فعلى الألف من المواعدة، وهي مفاعلة من الجانبين، فمن الله الأمر، ومن العبد القبول، وعلى حذف الألف، فالوعد من الله لا غير وهو ظاهر.