قوله: ﴿ وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ ﴾ عطف قصة على قصة، والواو لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً، لأن عبادتهم العجل كانت زمن المالكة في مدة العشرة الأيام الزائدة فوق الثلاثين. قوله: ﴿ مِنْ حُلِيِّهِمْ ﴾ جمع حلي بفتح فسكون، وأصله حلوى اجتمعت الواو والياء وسبقت أحدهما بالسكون، قلبت الواو ياء وآدغمت في الياء، وقلبت ضمة اللام كسرة لتصبح الياء. قوله (الذي استعاروه من قوم فرعون) أي قبل غرقهم. قوله: (فبقي عندهم) أي ملكاً لبني إسرائيل، كما ملكوا غيرهم من اموالهم وديارهم، ولا أضافه الله لهم، وأما قول المفسر: (استعاروه) فهو باعتبار ما كان. قوله: ﴿ عِجْلاً ﴾ وهذا العجل قد حرقه موسى عليه موسى عليه السلام ونسفه في البحر، كما قصه الله تعالى في سورة طه. قوله: (صاغه لهم منه السامري) واسمه موسى، كان ابن زنا، وضعته أمه في جبل، فأرسل الله إليه جبريل فصار يرضعه من أصبعه، فكان يعرفه إذا نزل إلى الأرض، فلما نزل جبريل يوم غرق فرعون، وكان راكباً فرساً، فكان كل شيء وطئته بحافرها يخضر ويثمر، ففطن موسى السامري لذلك، وعلم أن هذا التراب في فيه فصار له خوار، فقال: هذا إلهكم وإله موسى، فنسي كما في سورة طه، وكان موسى السامري منافقاً، وأنظر إلى من رباه جبريل حيث كان منافقاً، وإلى من رباه فرعون حيث كان مرسلاً، فإن هذا دليل على أن السعادة والشقاوة بيد الله، فقد قال بعضهم: إذا المرء لم يخلق سعيداً من الأزل فقد خاب من ربي وخاب المؤملفموسى الذي رباه جبريل كافر وموسى الذي رباه فرعون مرسلقوله: (بدل) أي من ﴿ عِجْلاً ﴾ أو عطف بيان. (لحماً ودماً) تفسيراً لجسداً. قوله: ﴿ لَّهُ خُوَارٌ ﴾ هذه قراءة العامة، وقرئ شذوذاً له جؤار بجيم فهمزة، وهو الصوت الشديد. قوله: (فإن أثره الحياة) أي بتأثير الله له. قوله: ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ استفهام توبيخ وتفريع. قوله: ﴿ ٱتَّخَذُوهُ ﴾ كرره لمزيد التشنيع عليهم. قوله: ﴿ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ أي أنفسهم أشد الظلم، حيث عبدوا غير الله. قوله: ﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ ﴾ فعل مبني للمجهول، والجار والمجرور نائب فاعل، وقرئ شذوذاً بالبناء للفاعل، فالفاعل ضمير يعود على الندم، وقرئ شذوذاً أيضاً، أسقط بضم الهمزة، والضمير عائد على الندم، والأصل على القراءة السبعية، سقطت أفواههم على أيديهم، ففي بمعنى على، وذلك من شدة الندم، فإن العادة أن الانسان إذا ندم على شيء عض بفمه على يده، فسقوط الفم على اليد لازم للندم، فأطلق اللازم، وأريد الملزوم على سبيل الكناية، ولم تعرف هذه الكناية في لغة العرب إلا في القرآن. قوله: ﴿ وَرَأَوْاْ ﴾ الجملة حالية. (وذلك) أي الندم. قوله: (بعد رجوع موسى) أي وإنما قدم ليتصل ما قالوه بما فعلوه. ﴿ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا ﴾ الخ فيها قراءتان سبعيتان بالياء والتاء، فعلى قراءة الياء يكون ربنا مرفوعاً على الفاعلية، وعلى قراءة التاء يكون منصوباً على النداء.