قوله: ﴿ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ ﴾ الخ، بئس فعل ماض لإنشاء الذم وفاعلها مستتر فيه وجوباً تقديره هو يعود على الشيء، يفسره قوله ما اشتروا فيما تمييز لذلك الفاعل وما بعدها صفة لها، وإن كفروا في تأويل مصدر المخصوص بالذم وهو يعرب مبتدأ والجملة التي قبله خبر عنه أو خبر لمبتدأ محذوف، قال ابن مالك: ويعرب المخصوص بعد مبتدأ   أو خبر اسم ليس يبدو أبداًقوله: (من القرآن) بيان لما. قوله: (مفعول له ليكفروا) أي مفعول لأجله والعامل فيه يكفروا. قوله: على أن ﴿ يُنَزِّلُ ٱللَّهُ ﴾ المعنى كفرهم بما أنزل الله حسداً على إنزال الله من فضله، وذلك بمعنى قوله تعالى:﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾[النساء: ٥٤].
قوله: (الوحي) قدره إشارة إلى أن مفعول ينزل محذوف. قوله: ﴿ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ ﴾ مفعول يشاء محذوف التقدير يشاؤه. قوله: (بكفرهم) الباء يصح أن تكون للتعدية وللسببية والتنكير للتعظيم. أي في قوله غضب على حد شراً هر ذا ناب. قوله: (والكفر بعيسى) أي ثم الكفر بمحمد وما جاء به، فقد آمنوا بموسى ثم كفروا به وضيعوا التوراة، فلما جاءهم عيسى آمنوا به ثم كفروا به، فلما جاءهم محمد كفروا به، وازدادوا كفراً. قوله: ﴿ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ أصله مهون نقلت كسرة الواو إلى الهاء فوقعت الواو ساكنة بعد كسرة قلبت ياء. قوله: (ذو إهانة) أي هوان ولا يوصف بذلك إلا عذاب الكفارين. وأما ما يقع للعصاة في الدنيا من المصائب وفي الآخرة من دخول النار فهو تطهير لهم. قوله: ﴿ بِمَا وَرَآءَهُ ﴾ يطلق بمعنى سوى وبمعنى بعد وبمعنى أمام اقتصر المفسر على الأولين. قوله: (من القرآن) أي والأنجيل. قوله: ﴿ وَهُوَ ٱلْحَقُّ ﴾ حال من ما. قوله: (مؤكدة) أي لمضمون الجملة قبلها على حد زيد أبوك عطوفاً وقوله: (ثانية) أي في التأكيد وإلا فهي ثالثة. قوله: ﴿ فَلِمَ تَقْتُلُونَ ﴾ ما اسم استفهام حذفت ألفها لجرها باللام، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بالتوراة فلأي شيء تقتلون أنبياء الله. قوله: (أي قتلتم) أشار بذلك إلى أن المضارع بمعنى الماضي، وإنما عبر بالمضارع لحكاية الحال الماضية. قوله: ﴿ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾ جواب إن محذوف دل عليه المذكور، فقد حذف من الجملة الأولى أداة الشرط وفعلها ومن الثانية الجواب فهو احتباك، وقيل إن نافية بمعنى ما نتيجة الشرط المقدر. قوله: (بما فعل آباؤهم) الحاصل أنه أقيمت الحجة عليهم مرتين، الأولى دعواكم الإيمان بالتوراة، كذب لكفرهم بالقرآن، فإن الكافر بأي كتاب كافر بالجميع، وعلى تسليم هذه الدعوى فهي كذاب من جهة أخرى وهي قتل الأنبياء، فلو كنتم مؤمنين بالتوراة لانتهيتم عما نهاكم الله عنه، فإنه نهاكم فيها عن قتل الأنبياء. قوله: (لرضاهم به) جواب عما يقال إن ذلك فيمن قتل الأنبياء، وأما هؤلاء فلم يقع منهم ذلك، فأجاب بأن الرضا بالكفر كفر، وقد يقال إنهم مصرون على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تسببوا في ذلك مراراً.


الصفحة التالية
Icon