قوله: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ ﴾ أي دفعة واحدة فناموا كلهم، وهذا على خلاف العادة، فهي معجزة لرسول الله، حيث غشي الجميع النوم في وقت الخوف، وفيه ثلاث قراءات سبعية، يغشاكم كيلقاكم، والنعاس مرفوع على الفاعلية، ويغشيكم بتشديد الشين وضم ياء المضارعة، ويغشيكم بتخفيف الشين وضم ياء المضارعة، والنعاس منصوب على المفعولية في هاتين القراءتين. قوله: ﴿ أَمَنَةً ﴾ منصوب على الحال على القراءة الأولى، أو المفعول لأجله على القراءتين الأخرتين، قال عبدالله بن مسعود: النعاس في القتال أمنة في الصلاة من الشيطان، قيل إنهم لما خافوا على أنفسهم، لكثرة عدد العدو وعددهم، وقلة المسلمين، وعطشوا عطشاً شديداً ألقى الله عليهم النوم، حتى حصلت لهم الراحة، وزال عنهم العطش، وتمكنوا من قتال عدوهم، فكان ذلك النوم نعمة في حقهم، لأنه كان خفيفاً بحيث لو قصدهم العدو لتنبهوا له، وقدروا على دفعه. قوله: (من الخوف) بيان لما. قوله: ﴿ لِّيُطَهِّرَكُمْ ﴾ إلخ أي وذلك أنهم وقفوا في كثيب رمل، فشق المشي عليهم فيه من لينه ونعومته، واشتد عليهم الخوف من أن يأتيهم العدو في تلك الحالة، فألقى الله عليهم النعاس، فاحتلم معظمهم فاشتد احتياجهم إلى الماء، فوسوس لهم الشيطان بما ذكره المفسر، فرد الله كيده بإنزال المطر الكثير عليهم، فشربوا وتطهروا وملؤوا القرب، وتلبد الرمل حتى سهل المشي عليه. قوله: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ ﴾ معمول لمحذوف أي اذكر، ولم يقدره المفسر اتكالاً على تقديره فيما سبق. قوله: ﴿ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ ﴾ أل للعهد الذكرى، أي المذكورين فيما سبق في قوله:﴿ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ ﴾[الأنفال: ٩] كما أشار إليه المفسر. قوله: ﴿ أَنِّي مَعَكُمْ ﴾ الجملة في محل نصب مفعول ليوحي. قوله: ﴿ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ أي قووا قلوبهم، واختلف في كيفية هذه التقوية، فقيل إن الشيطان كما أن قوة في إلقاء الوسوسة في قلب آدم بالسوء، كذلك الملك له قوة في إلقاء الإلهام في قلب ابن آدم بالخير، ويسمي ما يلقيه الملك إلهاماً، وقيل إن ذلك التثبيت حضورهم القتال معهم، ومعونتهم لهم بالقتال بالفعل، وقيل معناه بشرورهم بالنصر والظفر، فكان الملك يمشي في صفة رجل أمام الصف ويقول: أبشروا فإن الله ناصركم عليهم. قوله: ﴿ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ ﴾ كالتفسير لقوله: و ﴿ أَنِّي مَعَكُمْ ﴾ وقوله: ﴿ فَٱضْرِبُواْ ﴾ الخ. كالتفسير لقوله: ﴿ فَثَبِّتُواْ ﴾ فهو لف ونشر مرتب. قوله: (الرؤوس) تفسير للفظ ﴿ فَوْقَ ﴾ وقد توسع فيه حيث استعملوه مفعولاً به، وإن كان أصله ظرف مكان ملازم للظرفية، وقيل إن لفظة ﴿ فَوْقَ ﴾ زائدة، وقد أشار له المفسر بقوله: (يقصد ضرب رقبة الكافر) إلخ، فقد أشار المفسر إلى قولين، وقيل إن فوق باقية على ظرفيتها والمفعول محذوف، أي فاضربوهم فوق الأعناق، وقيل إن فوق بمعنى على، والمفعول محذوف أيضاً، أي فاضربوهم على الأعناق. قوله: (أي أطراف اليدين والرجلين) في المصباح: البنان الأصابع، وقيل أطرافها، والواحدة بنانة. قوله: (إلا دخل في عينيه) أي وفي فمه وأنفه.