قوله: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ﴾ نزلت هذه الآية لما افتخر المسلمون بعد رجوعهم من بدر، فكان الواحد منهم يقول: أنا قتلت كذا، أسرت كذا، فعلمهم الله الأدب بقوله: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ﴾ إلخ، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر، أي افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ ﴾ قرىء بتشديد لكن وتخفيفها، فعلى التخفيف تكون مهملة، ولفظ الجلالة مرفوع على الابتداء، وعلى التشديد تكون عاملة عمل إن، ولفظ الجلالة منصوب على أنه اسمها، وهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ﴾ ظاهرة التناقض، حيث جمع بين النفي والإثبات، والجواب أن المنفي الرمي، بمعنى إيصال الحصى لأعينهم، والمثبت فعل الرمي، كما أشار لهذا الجواب المفسر بقوله: (بإيصال ذلك اليهم). قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ ﴾ في القراءتان المتقدمتان، وقد علمت أن حكمة قوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ﴾ التأديب لبعض المؤمنين، وأما حكمة قوله تعالى: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ ﴾ إثبات أنه معجزة من الله لنبيه، لتذكر من جملة معجزاته التي أمر بالتحدث بها، قال تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾[الضحى: ١١]، وقال البوصيري: ورمى بالحصى فأقصد جيشاً ما الحصا عنده وما الإلقاءقوله: (فعل) أي الله ذلك، أي القتل والرمي، وقوله: (ليقهر) إلخ قدره ليعطف عليه ﴿ وَلِيُبْلِيَ ﴾.
قوله: (عطاء) أي فالمراد من الإبلاء الإعطاء، فهو إبلاء بخير لا بشر، فإن البلاء يقع على النعمة وعلى المحنة لأن أصله الاختيار، وذلك كما يكون بالمحنة لإظهار الصبر، يكون بالنعمة لإظهار الشكر. قوله: ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾ مبتدأ خبره محذوف، قدره المفسر بقوله: (حق)، وقوله: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾ فيكون في محل رفع بالابتداء، وخبره محذوف أيضاً، والمعنى ذلكم الإبلاء للمؤمنين حق، وتوهين كيد الكافرين حق و ﴿ مُوهِنُ ﴾ بفتح الواو وتشديد الهاء والتنوين، فكيد منصوب على المفعولية به، ويقرأ بسكون الواو، وتخفيف الهاء من أوهن، كأكرم، منوناً أو مضافاً، إلى كيد، فالقراءات ثلاث، وكلها سبعية. قوله: (أيها الكفار) أي فهو خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم، لأنهم الذين وقع بهم الهلاك، والفتح وقع لغيرهم. قوله: (أي القضاء) أي الحكم بينكم وبين محمد، بنصر المحق وخذلان المبطل. قوله: (حيث قال أبو جهل) أي وغيره من قريش، حين أرادوا الخروج إلى بدر، وتعلقوا بأستار الكعبة، ودعوا بما ذكره المفسر. قوله: (أينا) أي الفريقين، يعني نفسه ومن معه، ومحمداً ومن معه، وهو يزعم أن محمداً هو القاطع للرحم، حيث خرج من بلده وترك أقاربه. قوله: (فأحنه الغداة) الحين، بالفتح الهلاك، حان الرجل: هلك، وأحانه الله، أهلكه، والغداة ظرف للحين أي أهلكه فيما يستقبل. قوله: (وفتحها على تقدير اللام) أي فهما قراءتان سبعيتان، أي واللام المقدرة للتعليل.