قوله: ﴿ إِلاَّ تَنصُرُوهُ ﴾ شرط حذف جوابه تقديره فسينصره الله، وأما قوله: ﴿ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ ﴾ فتعليل للجواب، ولا يصلح أن يكون جواباً لأنه ماض، وقوله: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾ ظرف لقوله: ﴿ نَصَرَهُ ﴾ وهذا خطاب لمن تثاقل عن تلك الغزوة. قوله: (بدار الندوة) تقدم إيضاح ذلك في سورة الأنفال في قوله تعالى:﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾[الأنفال: ٣٠] إلخ. قوله: (حال) أي من الهاء في ﴿ أَخْرَجَهُ ﴾ والتقدير: إذ أخرجه الذين كفروا، حال كونه منفرداً عن جميع الناس إلا أبا بكر. قوله: (بدل من إذ قبله) أي بدل بعض من كل، لأن الإخراج زمنه ممتد، فيصدق على زمن استقرارهما في الغار، وإلا فزمن الإخراج مباين لزمن حصلهما في الغار، لأن بين الغار ومكة مسيرة ساعة. قوله: ﴿ لاَ تَحْزَنْ ﴾ أي لا تهتم، وكان حزن الصديق على رسول الله لا على نفسه، ورد أنه قال له: إذا مت فأنا رجل واحد، وإذا مت أنت، هلكت الأمة والدين. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ﴾ أي معية معنوية خاصة. قوله: (قيل على النبي) أي فيكون المراد، زاده سكينة وطمأنينة حتى عمت أبا بكر، وإلا فرسول الله لم يسبق له انزعاج، لمزيد ثقته بربه. قوله: (وقيل على أبي بكر) أي لأنه هو المنزعج. قوله: (ملائكة في الغار) أي يحرسونه من أعدائه. قوله: (ومواطن قتاله) الواو بمعنى أو، لأنه تفسير ثان. قوله: (أي دعوة الشرك) أي دعواة أهل الشرك الناس إليه، أو المراد عقيدة أهل الشرك. قوله: ﴿ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا ﴾ القراء السبعة على الرفع مبتدأ، وهي إما ضمير فصل، أو مبتدأ ثان، والعليا إما خبر عن كلمة، أو عن الضمير، والجملة خبر كلمة وقرىء شذوذاً بالنصب، معطوفاً على مفعول ﴿ وَجَعَلَ ﴾.
قوله: ﴿ ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً ﴾ ذكر المفسر في معنى ذلك ثلاثة أقوال، وهي من جملة أقوال كثيرة ذكرها المفسرون، فقيل الخفيف الذي لا ضيعة له، والثقيل الذي له الضيعة، وقيل الخفيف الشاب، والثقيل الشيخ، وقيل غير ذلك من الأحوال، أي انفروا على أي حال كنتم عليه، وهذا الحكم باق، إذا تعين الجهال بأن فجأ العدو، وأما في حال كونه فرض كفاءة، فليس حكم العموم باقياً، بل منسوخ إما بآية﴿ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ﴾[التوبة: ١٢٢] أو بآية﴿ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ ﴾[التوبة: ٩١] إلخ. قوله: (نشاطاً) بكسر النون جمع نشيط، ككرام وكريم. قوله: (وهي منسوخة) أي على القولين الأخيرين، لا على الأول فهي محكمة. قوله: (أنه خير) مفعول ﴿ تَعْلَمُونَ ﴾.
قوله: (فلا تثاقلوا) جواب الشرط. قوله: (في المنافقين) أي كعبد الله بن أبي وأضرابه. قوله: (متاعاً من الدنيا) سمي عرضاً لسرعة زواله كالعرض. قوله: (المسافة) أي التي تقطع بالمشقة، فهي مشتقة من المشقة. قوله: ﴿ وَسَيَحْلِفُونَ ﴾ هذا إخبار من الله بالغيب، فإن هذه الآية نزلت قبل رجوعه من تبوك. قوله: ﴿ لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ هذه الجملة سدت مسد جواب القسم والشرط. قوله: ﴿ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ هذا مرتب على قوله: ﴿ وَسَيَحْلِفُونَ ﴾ المعنى يزدادون بها هلاكاً لأنهم هالكون بالكفر، ويزيدون هلاكاً باليمين الكاذبة، لما في الحديث:" اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع "قوله: (الجماعة) أي من المنافقين. قوله: (باجتهاد منه) هذا أحد قولين، والآخر أنه لا يجتهد، والحاصل أنه اختلف هل يجوز على النبي الاجتهاد في غير الأحكام التكليفية الصادرة من الله تعالى، أو لا يجوز؟ والصحيح الأول، ولكنه في اجتهاده دائماً مصيب، وعتاب الله له إنما هو على فعل أمر مباح له، فهو من باب حسنات الأبرار، سيئات المقربين، لا على وزر فعله، ، فاعتقاد ذلك كفر.


الصفحة التالية
Icon