قوله: ﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ ﴾ أي عن هذا الأمر الذي فعلته. قوله: ﴿ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ اللام الأولى للتعليل، والثانية للتبليغ، وكلاهما متعلق بأذنت، فلم يلزم عليه تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد، والمعنى لأي شيء أذنت لهم في التخلف عن الجهاد. قوله: (وهلا تركتهم) قدره إشاره إلى أن قوله: ﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ ﴾، غاية ذلك المحذوف. قوله: ﴿ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي لا يليق منهم، وليس من عادتهم الاستئذان في الواجب عليهم، بل الخالص في الإيمان، يبادر إليه من غير توقف، فحيث وقع من هؤلاء الاستئذان، كان دليلاً على نفاقهم. قوله: (في التخلف) أي من غير عذر. قوله: ﴿ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ إنما أسند الريب للقلب، لأنه محله، كما أنه محل الإيمان والمعرفة. قوله: ﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ ﴾ إلخ، هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم على عدم خروج المنافقين معه، إذ لا فائدة فيه ولا مصلحة، وعتاب الله على الأذن لهم في التخلف، إنما هو لأجل إظهار حالهم وفضيحتهم، كأن الله يقول لنبيه: كان الأولى لك عدم الإذن لهم في التخلف ليظهر حالهم، فإن القرائن دالة على أنهم لا يريدون الخروج لعدم التأهب له. قوله: ﴿ وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ ﴾ استدراك على قوله: ﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ لأنه في معنى النفي، فهو استدارك على ما يتوهم ثبوته، وهو محبة الله منهم الخروج، والمعنى لو أرادوا الخروج لأعدوا، ولكن لم يريدوه لكراهة الله انبعاثهم، لما فيه من المفاسد، فلم يعدوا له عدة، وهذا أحسن ما يقال: قوله: (أي قدر الله تعالى ذلك) جواب عما يقال: حيث أمرهم الله بالقعود، كان قعودهم محموداً لا مذموماً، فأجاب بأنه ليس المراد بالقول حقيقته، بل المراد به الإرادة والتقدير. وأجيب أيضاً بأن القائل الشيخان وهو يأمر بالفحشاء والمنكر، وأجيب أيضاً: بأن القائل الله حقيقة والقول على حقيقته، وهو أمر تهديد على حد: اعملوا ما شئتم.


الصفحة التالية
Icon