قوله: ﴿ يَفْرَقُونَ ﴾ الفرق بالتحريك الخوف. قوله: ﴿ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً ﴾ إلخ، أي لو قدروا على الهروب منكم، ولو في شر الأمكنة وأخسها لفعلوا لشدة بغضهم لكم، والمعنى أنهم وإن كانوا يحلفون لكم أنهم منكم، فهم كاذبون في ذلك، لأنهم لو وجدوا مكاناً يلجؤون إليه، من رأس جبل أو قلعة أو جزيرة أو مغارات، وهي الأماكن المنخفضة في الأرض أو في الجبل أو سراديب، أي أماكن ضيقة لفروا إليها. قوله: ﴿ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾ في المصباح: جمع الفرس براكبه يجمح: استعصى حتى غلبه اهـ، ففيه إشارة إلى أنهم كالدابة الجموح التي لا تقبل الإنقياد بوجه من الوجوه. قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ ﴾ هذا بيان لحال بعض المنافقين، وقوله: ﴿ يَلْمِزُكَ ﴾ من باب ضرب واللمز الإشارة بعين ونحوها على سبيل التنقيص، فهو أخص من الغمز، إذ هو الإشارة بعين ونحوها مطلقاً، والمراد هنا الإعابة بالقول. قيل: نزلت في أبي الجواظ المنافق، بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء، ومعناه الضخم المتكبر الكثير الكلام، حيث قال: ألا ترون إلى صاحبكم يقسم صدقاتكم على رعاء الغنم، ويزعم أنه يعدل. وقيل: نزلت في ذي الخويصرة التميمي، وقيل اسمه حرقوص بن زهير، وهو أصل الخوارج. قوله: ﴿ فِي ٱلصَّدَقَاتِ ﴾ المراد بها قيل الزكاة، وقيل الغنائم، وقيل ما هو أعم، وهو الأولى بدليل ما يأتي للمفسر. قوله: ﴿ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا ﴾ أي ما يريدون. قوله: ﴿ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ إذا فجائية قامت مقام الفاء، والأصل فهم. قوله: ﴿ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ نسبة الإعطاء لله حقيقة، وللرسول مجازية، وفيه إشارة إلى أن ما فعله الرسول، إنما هو على طبق ما أمر الله به. قوله: ﴿ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ ﴾ أي (كافينا). قوله: (أن يغنينا) أي في أنه يغنينا، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بفي متعلقة بيغنينا، ويؤخذ من الآية تعليم العباد التعفف، والاعتماد على الله تعالى، وتفويض الأمور إليه، فإن الأرزاق بيده تعالى مكتفل بها، لا يقطعها عن عباده ولو خالفوه.


الصفحة التالية
Icon