قوله: ﴿ أَلَمْ يَأْتِهِمْ ﴾ أي المنافقين والاستفهام للتقرير. قوله: ﴿ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ إلخ، أي وقد أهلكوا بالطوفان، قوله: ﴿ وَعَادٍ ﴾ أهلكوا بالريح العقيم. ﴿ وَثَمُودَ ﴾ أهلكوا بالرجفة.
﴿ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ ﴾ أهلكوا بسلب النعمة عنهم وبالبعوض.
﴿ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ ﴾ أهلكوا بالظلة. قوله: ﴿ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ ﴾ أي المنقلبات التي جعل الله عاليها سافلها. قوله: ﴿ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ معطوف على مقدر قدره المفسر بقوله: (فكذبوهم فأهلكوا). قوله: (بأن يعذبهم بغير ذنب) تفسير للظلم المنفي أي الواقع أن الله لم يعذبهم بغير ذنب، بل لو فرض أنه عذبهم بغير ذنب لم يكن ظلماً، لأن الظلم هو التصرف في ملك الغير من غير إذنه، ولا ملك لأحد معه سبحانه وتعالى، ولكن تفضل الله بأنه لا يعذب بغير ذنب، ولا يجوز عليه شرعاً أن يعذب في الآخرة عبداً بغير ذنب، وإن جاز عقلاً. قوله: ﴿ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ ﴾ إلخ، لما بين حال المنافقين والمنافقات عاجلاً وآجلاً، ذكر حال المؤمنين والمؤمنات عاجلاً وآجلاً. قوله: ﴿ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ ﴾ أي في الدين، وعبر عنهم بذلك دون المنافقين، فعبر في شأنهم بمن، إشارة إلى أن نسبة المؤمنين في الدين كنسبة القرابة، وأما المنافقون فنسبتهم طبيعية نفسانية، فهم جنس واحد. قوله: ﴿ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ ﴾ أي يحبونه لأنفسهم ولإخوانهم، والمعروف كل ما عرف في الشرع وهو كل خير. قوله: ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَ ﴾ أي ينفرون منه ولا يرضون به، والمراد بالمنكر كل ما خالف الشرع. قوله: ﴿ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي باللسان والجنان وسائر الأعضاء. قوله: ﴿ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ ﴾ أي في الدنيا بالإيمان والمعرفة، وفي الآخرة بالخلود في الجنة ونعيمها، ورضا الله عنهم، وهذه الأوصاف مقابلة لأوصاف المنافقين المتقدمة. قوله: (عن إنجاز وعده) أي للمؤمنين والمؤمنات. قوله: (ووعيده) أي للمنافقين والمنافقات، فهو لف ونشر مشوش. قوله: ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ هذا تفصيل لما أجمل في قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ ﴾.
قوله: ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ أي بساتين، لكل مؤمن ومؤمنة ليس فيها شركة لأحد. قوله: ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ﴾ أي بأرضها. قوله: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ حال من المؤمنين والمؤمنات. قوله: ﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ﴾ أي تستطيبها النفوس وتألفها فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قوله: ﴿ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ أي في بساتين إقامة، لا تحول ولا تزول، روي أنه" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي عَدْنٍ ﴾ قال: قصر من لؤلؤة، في ذلك القصر سبعون داراً من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون فراشاً من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين "، وفي رواية:" في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لوناً من الطعام "قوله: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ التنوين للتقليل، أي أقل رضوان يأتيهم من الله، أكبر من ذلك كله، فضلاً عن أكثره، ورد" أن الله تعالى يقول لأهل الجنة: رضيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً "قوله: ﴿ ذٰلِكَ ﴾ أي الرضوان. قوله: ﴿ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴾ أي الظفر بالمقصود الذي لا يضاهى. قوله: (بالسيف) المراد به جميع آلات الحرب. قوله: (باللسان والحجة) أي لا بالسيف لنطقهم بالشهادتين، فالمراد بجهادهم بذل الجهد في نصيحتهم وتخويفهم. قوله: (بالانتهار والمقت) المراد به القتل بالنسبة للكفار، والإهانة والزجر بالنسبة للمنافقين. قوله: ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ جملة مستأنفة بيان لعاقبة أمرهم.