قوله: ﴿ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ ﴾ هذا بيان لقبحهم وخيانة باطنهم. قوله: ﴿ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ ﴾ قيل هي كلمة الجلاس بن سويد حيث قال: إن كان محمد صادقاً فيما يقول فنحن شر من الحمير، وقيل: هي كلمة ابن أبي ابن سلول حيث قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز من الأذل. قوله: (أظهروا الكفر) إلخ، دفع بذلك ما يقال: إن ظاهر الآية يقتضي أنهم مسلمون ثم كفروا بعد ذلك مع أنهم لم يسلموا أصلاً. فاجاب: بأن المراد أظهروا الكفر بعد أن أظهروا الإسلام. قوله: (من الفتك) مثلث الفاء الأخذ على حين غفلة. قوله: (ليلة العقبة) أي التي بين تبوك والمدينة. قوله: (وهم بضعة عشر رجلاً) قيل اثنا عشر، وقيل أكثر من ذلك، لكن لم يبلغوا العشرين، وقد اجمع رأيهم على أن يفتكوا بالنبي في العقبة ليقع في الوادي فيموت، فأخبره الله بما دبروه، فلما وصل إلى العقبة، نادى منادي رسول الله بأمره: إن رسول الله يريد أن يسلك العقبة، فلا يسلكها أحد غيره، واسلكوا يا معشر الجيش بطن الوادي، فإنه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي، وسلك النبي العقبة، وكان ذلك في ليلة مظلمة، فجاء المنافقون وتلثموا وسلكوا العقبة، فلما ازدحموا على رسول الله، نفرت ناقته حتى سقط بعض متاعه، فصرخ بهم فولوا مدبرين، وأمر عمار بن ياسر، وقيل حذيفة، بضرب وجوه رواحلهم، فانحطوا من العقبة مسرعين إلى بطن الوادي واختلطوا بالناس، فقال له النبي: هل عرفت أحداً منهم؟ قال: لا، كانوا متلثمين والليلة مظلمة، قال: هم فلان وفلان حتى عدهم، قال: هل عرفت مرادهم؟ قال: لا، قال: إنهم مكروا وأردوا الفتك بي، وإن الله أخبرني بمكرهم، فلما أصبح جمعهم وأخبرهم بما مكروا، فحلفوا بالله ما قالوا ولا أرادوا، فنزلت الآية، ويؤخذ من ذلك أنهم سافروا مع رسول الله إلى تبوك، وتقدم أنهم تخلفوا، ويمكن الجمع بأن البعض سافر، والبعض تخلف. قوله: (فضرب عمار بن ياسر) وقيل حذيفة. قوله: ﴿ وَمَا نَقَمُوۤاْ ﴾ (أنكروا) أي ما كرهوا وما عابوا، وفي الآية تأكيد المدح بما يشبه الذم كأنه قيل: ليس له صفة تكره وتعاب، إلا إغناءهم من فضله بعد أن كانوا فقراء، وهذه ليست صفة ذم، فحينئذ ليس له صفة تذم أصلاً. قوله: (وليس مما ينقم) أو يعاب ويكره. قوله: ﴿ وَإِن يَتَوَلَّوْا ﴾ أي داموا عليه.