قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً ﴾ هذا من جملة أدلة توحيده. قوله: (ذات ضياء) أشار بذلك إلى أن ضياء مصدر، ويحتمل أنه جمع ضوء، والمعنى ذات أضواء كثيرة، والضوء النور القوي العظيم، فهو أخص من مطلق نور، وقيل الضياء ما كان ذاتياً، والنور ما كان مكتسباً من غيره، فما قام بالشمس يقال له ضياء، وما قام بالقمر يقال له نور. اعلم أن الشعاع الفائض من الشمس: قيل جوهر، وقيل عرض، والحق أنه عرض لقيامه بالإجرام. قوله: ﴿ وَٱلْقَمَرَ ﴾ معطوف على ﴿ ٱلشَّمْسَ ﴾، و ﴿ نُوراً ﴾ على ﴿ ضِيَآءً ﴾ ففيه العطف على معمولي عامل واحد، وهو جائز بلا خلاف. قوله: ﴿ وَقَدَّرَهُ ﴾ الضمير عائد على ﴿ وَٱلْقَمَرَ ﴾ فقط، وخص بالذكر وإن كانت الشمس لها منازل أيضاً، لأن سير القمر في المنازل أسرع، وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين، لأن المعتبر في مثل الصيام والحج السنة القمرية، ويحتمل أن الضمير عائد على كل من الشمس والقمر، وأفرد باعتبار ما ذكر، والأقرب الأول. قوله: (ثمانية وعشرون منزلاً) أي وهي منقسمة على اثني عشر برجاً، وهي: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، لكل برج منزلان وثلث، فيكون إقامته في كل برج ستة وخمسين ساعة، وانتقالات الشمس في هذه الأبراج مرتبة على الشهور القبطية، لكن الشهر: نصفه الأول من آخر برج، ونصفه الآخر من أول برج آخر، فيكون نصفه الأول من نصف السنبلة الأخيرة، ونصفه الأخير من نصف الميزان الأول، وهكذا. قوله: (ويستتر ليلتين) أي لا يرى، وإن كان سائراً. قوله: ﴿ لِتَعْلَمُواْ ﴾ هذا هو حكمة التقدير: قوله: ﴿ وَٱلْحِسَابَ ﴾ معطوف على عدد مسلط عليه تعلموا، ولا يجوز جره عطفاً على السنين، لأن الحساب لا يعلم عدده، ولذا سئل أبو عمرو عن الحساب، أتنصبه أم تجره؟ فقال: ومن يدري ما عدد الحساب؟ كناية عن كونه لا يجوز جره. قوله: (المذكور) أي من كونه ﴿ جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً ﴾.
قوله: (بالياء والنون) أي فهما قراءتان سبعيتان، وعلى النون فيه التفات من الغيبة إلى التكلم. قوله: ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ خصوا بالذكر، لأنهم هو المنتفعون بذلك. قوله: ﴿ إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾ أي في كون أحدهما يخلف الآخر ويعقبه. قوله: (بالذهاب والمجيء) تصوير للاختلاف. قوله: (والزيادة والنقصان) اي فكل واحد يزيد بقدر ما نقص من الآخر. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ﴾ أي لا يخافونه ولا يؤمنون به. قوله: ﴿ وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا ﴾ أي فعلوا فعل المخلدين فيها. قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ مَأْوَاهُمُ ﴾ مبتدأ ثان، و ﴿ ٱلنَّارُ ﴾ خبر الثاني، والثاني وخبره خبر الأول، والجملة خبر ﴿ إِنَّ ﴾.
قوله: ﴿ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ أي بسبب كسبهم. قوله: (من الشرك والمعاصي) بيان لقوله: ﴿ يَكْسِبُونَ ﴾.