قوله: ﴿ قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ ﴾ مفعول شاء محذوف، أي عدم إنزاله. قوله: ﴿ وَلاَ أَدْرَاكُمْ ﴾ أدرى فعل ماض، وفاعله مستتر يعود على الله، والكاف مفعول به. قوله: (ولا نافية) أي وجملة ﴿ أَدْرَاكُمْ ﴾ مؤكدة لما قبلها، عطف عام على خاص، والمعنى لو شاء الله عدم إنزاله ما تلوته عليكم ولا أعلمكم به مني ولا من غيري. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (بلام) أي وهي للتأكيد، والمعنى لو شاء الله عدم تلاوتي ما تلوته عليكم ولا أعلمكم به غيري، بأن ينزله على لسان نبي غيري، ونتيجة هذا القياس محذوفة، تقديره لكن شاء الله إنزاله علي، فأنا أتلوه عليكم، وأنا أعلمكم به. قوله: ﴿ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً ﴾ هذا وهو وجه الاحتجاج عليهم، والمعنى أن كفار مكة شاهدوا رسول الله قبل مبعثه، وعلموا أحواله، وأنه كان أمياً لم يقرأ كتابا ولا تعلم من أحد. وذلك مدة أربعين سنة، ثم بعدها جاءهم بكتاب عظيم الشأن، مشتمل على نفائس العلوم والأحكام والآداب ومكارم الأخلاق، فكل من له عقل سليم وفهم ثابت، يعلم أن هذا القرآن من عند الله. لا من نفسه. قوله: (سنينا) منصوب بفتحة ظاهرة، وقد مر المفسر على طريقة من يجعله مثل حين. ومنه حديث:" اللهم اجعلنا عليهم سنيناً كسنين يوسف "في احدى الروايتين. قوله: ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ أي أعميتم عن الحق، فلا تعقلونه. قوله: (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: (بنسبة الشريك إليه) أشار المفسر إلى أن الخطاب متوجه لهم. والمعنى على ذلك: أنكم افتريتم على الله الكذب، فزعمتم أن له شريكاً والله منزه عنه، وثبت عندكم صدقي بالقرآن، فكذبتم بآياته. قوله: ﴿ وَيَعْبُدُونَ ﴾ عطف على ما تقدم، عطف قصة على قصة، بيان لقبائحهم، وفي الحقيقة عبادتهم غير الله، تسبب عنه ما تقدم من افترائهم وتكذيبهم بالآيات. قوله: ﴿ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ﴾ ما اسم موصول أو نكرة موصوفة، ونفي الضر والنفع هنا باعتبار ذواتهم وإثباتهما في قوله تعالى:﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ﴾[الحج: ١٣] باعتبار السبب. قوله: (وهو الأصنام) بيان لما. قوله: ﴿ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾ قال أهل المعاني: توهموا أن عبادتها أشد في تعظيم الله من عبادتهم إياه. وقالوا: لسنا بأهل أن نعبد الله ولكن نشتغل بعبادة هذه الأصنام، فإنها تكون شافعة لنا عند الله، قال تعالى إخباراً عنهم﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ ﴾[الزمر: ٣].
إن قلت إنهم ينكرون البعث ففي أي وقت يشفعون لهم على زعمهم؟ أجيب: بأنهم يرجون شفاعتهم في الدنيا في إصلاح معايشهم. قوله: ﴿ بِمَا لاَ يَعْلَمُ ﴾ المقصود نفي وجود الشريك بنفي لازمه، لأن علمه تعالى محيط بكل شيء، فلو كان موجوداً لعلمه الله، وحيث كان غير معلوم لله وجب أن لا يكون موجوداً، وهذا مثل مشهور، فإن الإنسان إذا أراد نفي شيء وقع منه، يقول ما علم الله ذلك مني، أي لم يحصل ذلك مني قط. قوله: ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ حال من العائد المحذوف في يعلم. قوله: (استفهام انكار) أي بمعنى النفي.


الصفحة التالية
Icon