قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ ﴾ الجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر، أي لا مسير لكم في البر والبحر إلا هو، وهذا من جملة أدلة توحيده. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية ايضاً من النشر، وهو البث والتفريق، المعنى يفرقكم ويبثكم في البر والبحر. والرسم متقارب، لكن طولت السنة الثانية وهي النون في القراءة الثانية، وطولت السنة التي قبل الراء وهي الياء على القراءة الأول. قوله: ﴿ فِي ٱلْبَرِّ ﴾ أي مشاة وركباناً. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ﴾ غاية للسير في البحر، والفلك يستعمل مفرداً وجمعاً، فحركته في المفرد كحركة قفل، وحركته في الجمع كحركة بدن، وهنا مستعمل في الجمع بدليل وجرين، وفي آية في الفلك المشحون مستعمل مفرداً. قوله: (فيه التفات عن الخطاب) أي إلى الغيبة، وحكمته زيادة التقبيح على الكفار، لأن شأنهم عدم شكر النعمة، وأما الخطاب أولاً فهو لكل شخص مسلم أو كافر بتعداد النعم عليهم. قوله: ﴿ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ﴾ أي يحصل المقصود بلطف. قوله: ﴿ وَفَرِحُواْ بِهَا ﴾ الجملة حالية من ضمير ﴿ بِهِم ﴾ وقد مقدرة. قوله: ﴿ وَظَنُّوۤاْ ﴾ أي أيقنوا. قوله: (أي اهلكوا) أي ظنوا الهلاك، لقيام الأسباب بهم. قوله: ﴿ مُخْلِصِينَ ﴾ أي غير مشركين معه شيئاً من آلهتهم. قوله: ﴿ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا ﴾ هذا مقول لقول محذوف بيان لمحصل الدعاء والتقدير قائلين: وعزتك وجلالك لئن أنجيتنا. قوله: ﴿ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ ﴾ أي على نعمائك الموحدين لك. قوله: ﴿ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ ﴾ إذ للمفاجأة، والمعنى فحين انجاهم فاجؤوا الفساد وبادروا إليه. قوله: ﴿ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾ إما وصف كاشف، أو احترز به عن البغي بحق، كاستيلاء المسلمين على الكفار، وتخريب دورهم، وإتلاف أموالهم، كما فعل رسول الله بقريظة. قوله: ﴿ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ﴾ الكلام على حذف مضاف، أي إثم بغيكم كما يشير له المفسر بقوله: (لأن إثمه عليها) والمعنى أن وبال بغيكم راجع لأنفسكم، لا يضر الله منه شيء، كما لا تنفعه طاعة المطيع، قال تعالى:﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾[الإسراء: ٧] وقال العارف: ماذا يضرك وهو عاص، أو يفيدك وهو طائع، فإشراك المشرك لا يثبت لله شريكاً، بل هو محض افتراء وكذب، ووباله على صاحبه، وتوحيد الموحد لا يثبت لله وحدة، بل هي ثابتة أزلاً وأبداً، بل معنى وحدت ربي، قامت وحدته بقلبي وامتزجت بلبي، وليس المعنى أنه أثبت له وحدة لم تكن، فإن هذا هو الكفر بعينه، وفي ذلك قال العارف: ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد