قوله: ﴿ مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ قدر المفسر هو إشارة إلى أنه بالرفع خبر لمحذوف. قوله: (تمتعون فيها قليلاً) أي زمناً قليلاً. قوله:﴿ ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ ﴾[يونس: ٢٣] أي لا مفر لهم من ذلك، وإنما إمهالهم وتأخيرهم من حلمه سبحانه وتعالى. قوله: (فنجازيكم عليه) أي على ما عملتم من خير وشر. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (بنصب متاع) أي مفعول لفعل محذوف، قدره المفسر بقوله أي تمتعون. قوله: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ بيان لشأن الدنيا، وأن مدتها قصيرة، والمعنى صفتها في سرعة انقضائها، وكونكم متعززين بها كماء إلخ. قوله: ﴿ كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ حكمة تشبيهها بماء السماء دون ماء الأرض، إشارة إلى أن الدنيا تأتي بلا كسب من صاحبها، ولا تعان منه كماء السماء بخلاف ماء الأرض فينال بالآلات. قوله: (وغيرهما) أي كالذرة والحمص واللوبياء والفول ونحو ذلك. قوله: (من الكلأ) هو العشب رطباً أو يابساً. قوله: ﴿ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾ غاية لمحذوف أي ما زال ينمو ويزهو حتى إلخ. والمعنى استوفت واستكملت الأرض زخرفها من النبات، وتم سرور أهلها بها أتاها أمرنا إلخ. قوله: (بالزهر) أي أنواعه من أحمر وأصفر وأبيض وأخضر وغير ذلك. قوله: (وأدغمت في الزاي) أي بعد تسكينها وأتى بهمزة الوصل لأجل النطق بالساكن، فلما دخلت الواو حذفت للاستغناء عنها. قوله: (متمكنون من تحصيل ثمارها) أي من أخذ ما أنبتته من ثمار وزروع وبقول. قوله: ﴿ أَتَاهَآ أَمْرُنَا ﴾ جواب إذا. قوله: (كالمحصود) أي المقطوع. قوله: ﴿ كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ ﴾ أي كأن لم تكن تلك الأشجار والنباتات والزروع ثابتة قائمة على ظهر الأرض، وهذا مثل للراغب في زهرة الدنيا وبهجتها، الراكن لها، المعرض عن الآخرة، فكما أن النبات الذي عظم الرجاء فيه، والانتفاع به؛ أتته المتلفات بغتة ويئس منه، كذلك المتمسك بالدنيا، إذا افتخر بها وتعزز، يأتيه الموت بغتة فيسلب ما كان فيه من نعيم الدنيا ولذتها. قوله: ﴿ بِٱلأَمْسِ ﴾ المراد به الزمن الماضي، لا خصوص اليوم الذي قبل يومك. قوله: ﴿ كَذٰلِكَ ﴾ أي كما فصلنا في ضرب المثل. قوله: ﴿ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ أي فليس هذا المثل قاصراً على شخص دون شخص، بل هو عبرة لمن كان له بصيرة وتدبر، فينبغي للإنسان أن ينزل القرآن في خطاباته على نفسه، ويتأمل فيها ويتدبر، ليأتمر بأوامره، وينتهي بنواهيه. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ ﴾ لما ذكر سبحانه وتعالى صفة الدنيا، ورغب في الزهد فيها، والتجنب لزخارفها، رغب في الآخرة ونعيمها، حيث أخبر أنه بعظمته وجلاله وكبريائه، يدعو إلى دار السلام، والسلام اسم من اسمائه تعالى، ومعناه المنزه عن كل نقص، المتصف بكل كمال، وأضيفت الدار للسلام، لأنها سالمة من الآفات والكدرات، كما أن معنى السلام السالم من كل نقص، وقيل المراد بالسلام السلامة من الآفات والنقائص، وعليه درج المفسر. قوله: (وهي الجنة) أشار بذلك إلى أن المراد بهذا الاسم، ما يشمل جميع الجنات، لا خصوص المسماة بهذا الاسم، من باب تسمية الكل باسم البعض، وكذا يقال في باقي دورها، كدار الجلال، وجنة النعيم، وجنة الخلد، وجنة المأوى، والفردوس، وجنة عدن، فهذه الأسماء كما تطلق على مسمياتها، يطلق كل اسم منها على جميع دورها، لصدق الاسم على المسمى في كل. قوله: (بالدعاء والإيمان) أي فهو سبب لدخول الجنة، وإن كان صاحبه عاصياً، فالمدار في استحقاق الجنة على مجرد الإيمان. قوله: ﴿ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ أي يوصله إلى السعادة الكاملة. قوله: (هدايته) هذا هو مفعول يشاء. قوله: ﴿ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ أي طريق قويم لا اعوجاج فيه، وحذف مقابل ﴿ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ إلخ. تقديره ويضل من يشاء عنه، فالضلال والهدى بيد الله، يعطي أيهما شاء لمن شاء.


الصفحة التالية
Icon