قوله: ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾ مبتدأ مؤخر. قوله: (بالإيمان) أي ولو صحبه ذنوب، فعصاة المؤمنين لهم الحسنى وزيادة، وإن كانت مراتب أهل الجنة متفاوتة، فليس المنهمكون في طاعة الله كغيرهم. قوله: (هي النظر إليه تعالى) هذا قول جمهور الصحابة والتابعين، وقيل المراد بالزيادة رضوان الله الأكبر، وقيل مضاعفة الحسنات، وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب، ولكن القول الأول هو الذي عليه المعول، لأن النظر إليه تعالى يستلزم جميع ذلك، ويدل له على ما ورد" إذ دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تعالى: تريدون شيئاً أزيدكم، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما يعطون شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى "زاد في رواية: ثم تلا ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ﴾.
واعلم أن الناس جميعاً في الجنة، ينظرون إليه سبحانه وتعالى، في مثل يوم الجمعة من الإسبوع، وفي مثل يوم العيد من السنة، وهذه هي الرؤية العامة لجميع أهل الجنة، وللخواص مراتب متفاوتة، فمنهم من يراه في كل صباح ومساء، ومنهم من يراه في مثل أوقات الصلوات الخمسة، ومنهم من لا يحجب عن الرؤية أبداً لما قيل: إن لله رجالاً لو حجبوا عن الرؤية طرفة عين، لتمنوا الخروج من الجنة. قوله: ﴿ وَلاَ يَرْهَقُ ﴾ الجملة مستأنفة. قوله: (سواد) أي وغبار، فأهل الجنة بيض الوجوه في غاية من البسط والجمال، فلا يعتريهم نكد ولا كدر، قال تعالى: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾.
قوله:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ ﴾[عبس: ٣٨-٣٩] أي المحدث عنهم أن لهم الحسنى وزيادة. قوله: ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ أي لا يخرجون منها أبداً.