قوله: ﴿ الآنَ ﴾ منصوب على الظرفية، والعامل فيه محذوف قدره المفسر بقوله: (تؤمنون) والفعل المقدر معمول على إضمار القول، وهو يقال لكم آلآن بهمزتين، الأولى همزة الاستفهام، والثانية همزة أل المعرفة، فإذا اجتمع هاتان الهمزتان وجيب في الثانية، إما تسهيلها أو مدها بقدر ثلاث ألفات، وهما قراءتان سبعيتان، وقد وقع ذلك في القرآن في ستة مواضع: اثنان في الانعام﴿ ءَآلذَّكَرَيْنِ ﴾[الأنعام: ١٤٣] مرتين، وثلاثة في هذه السورة ﴿ الآنَ ﴾ مرتين، و﴿ ٱللَّهُ لَكُمْ ﴾[يونس: ٥٩]، وواحد في النمل﴿ ءَآللَّهُ خَيْرٌ ﴾[النمل: ٥٩]، وأما تحقيق الهمزتين فلا يجوز. قوله: ﴿ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ آمَنْتُمْ ﴾.
قوله: (استهزاء) أي تستعجلون على سبيل الاستهزاء. قوله: ﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ إخبار عما يقع لهم في القيامة. قوله: ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ ﴾ الواو نائب الفاعل مفعول أول، وقوله: ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ مفعول ثان، وقوله: ﴿ إِلاَّ ﴾ (جزاء) مفعول مطلق لتجزون. والمعنى لا تجزون إلا جزاء الذي كنتم تكسبونه من الكفر والتكفير. قوله: ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ ﴾ السين والتاء للطلب، والمعنى يسألونك أن تخبرهم عما وعدتهم به من العذاب: أحق هو؟ الخ. ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ ﴾ فعل مضارع، والواو فاعل، والكاف مفعول أول، وجملة ﴿ أَحَقٌّ هُوَ ﴾ في محل المفعول الثاني، وحق مبتدأ وهو خبر أو بالعكس، أو هو فاعل بحق أغنى عن الخبر، والشرط موجود، وهو اعتماد المبتدأ على الاستفهام. قوله: ﴿ إِي وَرَبِّيۤ ﴾ إلخ. هذا أمر من الله لرسوله بأن يجيبهم بثلاثة أشياء.
﴿ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾.
قوله: (نعم) أشار المفسر بذلك إلى أن ﴿ إِي ﴾ من أحرف الجواب، ولكنها مختصة بالقسم لا تستعمل في غيره، ومنه قول الناس إي والله، وقولهم إيوه، فالواو للقسم، والهاء مأخوذة من الله، ويحتمل أن الهاء للسكت، والمقسم به محذوف للعلم به، تقديره إي والله، وهذا هو الأقرب، لأن تقطيع اسم الجلالة غير لائق، قوله: ﴿ إِنَّهُ لَحَقٌّ ﴾ جواب القسم. قوله: ﴿ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾.
يصح أن يكون معطوفاً على إي، فيكون من جملة مقول القول، ويصح أن يكون جملة مستأنفة، خطاباً من الله لهم، وليس من جملة مقول القول، وما يحتمل أنه حجازية، فاسمها الضمير، وبمعجزين خبرها، أو تميمية وما بعدها مبتدأ وخبر. قوله: (بفائتين العذاب) أي فارين منه، بل هو مدرككم لا محالة.


الصفحة التالية
Icon