قوله: ﴿ سَآوِيۤ ﴾ أي ألتجىء. قوله: ﴿ مَن رَّحِمَ ﴾ عبر المفسر بلكن، إشارة إلى أن الاستثناء منقطع، لأن ما بعد إلا هو المعصوم، وما قبلها هو العاصم، ولا شك أنه غيره. قوله: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ﴾ أي بين نوح وابنه. قوله: ﴿ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ ﴾ أي الهالكين بالماء، ورد أنه أوى إلى جبل عال، فدخل في غار منه، وسد على نفسه من كل جهة، فغرق في بوله وغائطه. قوله: ﴿ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ﴾ إلخ، أي أمر الله الأرض بذلك، والمراد تعلقت قدرته بزوال الماء على حد قوله تعالى:﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾[يس: ٨٢] وهذا القول وقع يوم عاشوراء، ونزل نوح السفينة لعشر خلون من رجب، فكان مكثهم في السفينة ستة أشهر، فلما نجوا صاموا جميعاً، حتى الطيور والوحوش يوم عاشوراء، شكراً لله على النجاة، ومرت السفينة بهم بالبيت الحرام، فطافت به سبع مرات، وأودع الله الحجر الأسود في جبل أبي قبيس، وورد أن نوحاً حمل أباه آدم معه في السفينة. قوله: (فصار أنهاراً وبحاراً) أي فماء السماء بقي في أماكن من الأرض أنهاراً وبحاراً، وماء الأرض ابتلعته الأرض في باطنها. قوله: (نقص) أي ولم يذهب بالكلية، لما علمت من بقاء ماء السماء. قوله: (جبل بالجزيرة) هي مدينة العراق، روي أن الله أوحى إلى الجبال، أن السفينة ترسي على واحد منها، فتطاولت وبقي الجودي لم يتطاول تواضعاً لله، فاستوت السفينة عليه وبقيت على أعوادها، وفي الحديث:" بقي منها شيء أدركه أوائل هذه الأمة "ورد أنهم لما خرجوا من السفينة، بنوا قرية وسموها الثمانين، لأنهم كانوا ثمانين. قوله: ﴿ وَقِيلَ بُعْداً ﴾ منصوب على المصدر بفعل مقدر، أي بعدوا بعداً، فهو مصدر بمعنى الدعاء عليهم. قوله: ﴿ لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ أي فهلكوا جميعاً، حتى البهائم والطيور والأطفال، على القول بأنهم لم يعقموا، ولا يسأل عما يفعل، وهذا الغرق عقوبة للمكلفين لا غيرهم، قال بعضهم: هذه الآية أبلغ آية في القرآن، لاحتوائها على أحد وعشرين نوعاً من أنواع البديع، والحال أن كلماتها تسعة عشر، وخوطب في الأرض أولاً بالبلع، لأن الماء نبع منها أولاً، قبل أن تمطر السماء.


الصفحة التالية
Icon