قوله: ﴿ قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ ﴾ أي سلامة وأمن، ودخل في هذا السلام، وكل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، وفيما بعده من المتاع والعذاب، كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. قوله: (انزل من السفينة) ورد أنه لما نزل منها، أراد أن يبعث من يأتيه بخبر الأرض، فقال له الدجاج أنا، فأخذوه وختم على جناحه وقال لها: أنت مختومة بخاتمي لا تطيري أبداً تنتفع بك أمتي فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها فاحتبس، فلعنه ودعا عليه بالخوف، فلذلك يقتل في الحل والحرم ولا يألف البيوت، وبعث الحمام فلم تجد قراراً فوقفت على شجرة بأرض سبأ، فحملت ورقة زيتون، ورجعت إلى نوح، فعلم أنها لم تتمكن من الأرض، ثم بعثها بعد ذلك، فطارت حتى وقفت بوادي الحرم، فإذا الماء قد ذهب موضع الكعبة، وكانت طينتها حمراء، فاختضبت رجلاها، ثم جاءت إلى نوح فقالت: بشراي منك، أن تهب لي الطوق في عنقي، الخضاب في رجلي، وأن أسكن الحرم، فمسح يده على عنقها وطوقها ووهب لها الحمرة في رجليها، ودعا لها ولذريتها بالبركة. قوله: (أي من أولادهم) إلخ، أشار بذلك إلى أن من تبعيضية، والكلام على حذف مضاف، والمعنى وعلى أمم من ذرية ممن معك. قوله: ﴿ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ﴾ يقال فيه ما قيل فيما قبله، أي وامم من ذرية من معك سنمتعهم إلخ. والمعنى أن ذرية الأمم الذين معه، بعضها مؤمن فعليه السلام، وبعضها كافر فيمتع في الدنيا، ثم يمسه العذاب الأليم في الآخرة، والذرية المذكورة لم تكن إلا من أولاده الثلاثة كما تقدم، فهو الأب الثاني للخلق بعد آدم. قوله: ﴿ تِلْكَ ﴾ مبتدأ، أخبر عنه بثلاثة أخبار. قوله: ﴿ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ ﴾ أي تفصيلاً. قوله: ﴿ فَٱصْبِرْ ﴾ هذا هو المقصود من ذكر ذلك القصة، أي فتسل ولا تحزن على عدم إيمان المشركين، ولا تنزعج من أذاهم. قوله: ﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ ﴾ الجملة معطوفة على جملة﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ ﴾[هود: ٢٥] عطف قصة على قصة، وأخر هوداً لأنه متأخر عن نوح في الزمن، إذ هو من أولاد سام بن نوح، وبين هود ونوح ثمانمائة سنة، وعاد اسم قبيلة تنسب إلى أبيها بن نوح، وهود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد، وعاش هود أربعمائة سنة وأربعاً وستين سنة. قوله: (وحدوه) أي وسمى التوحيد عبادة، لأنه أساسها ورأسها. قوله: ﴿ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ما نافية، ولكم خبر مقدم، وإله مبتدأ مؤخر، وغيره صفته، ومن زائدة كما قال المفسر. قوله: (كاذبون على الله) أي حيث ادعيتم أن لله شركاء وعبدتموهم. قوله: ﴿ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾ أي ليس مقصدي من تبليغ التوحيد، والأحكام لكم، أنكم تعطوني أجراً على ذلك من مال أو غيره؛ والمقصود من ذلك الخطاب، إراحة قلوبهم واللطف بهم، عسى أن يقبلوا ما جاء به بقلب سليم، وعبر هنا بأجر، وفي قصة نوح بما لا تفتنا. قوله: ﴿ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ ﴾ أي لأنه هو المعطي المانع، الضار النافع، المقدم المؤخر، أطلب من غير. قوله: ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير أجهلتم وعميتم فلا تعقلون.