قوله: ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ﴾ أي على أهلها الخارجين عنها في الأسفار وغيرها، وقيل على القرى بعد قلبها، فمن جملة ما وقع، أن رجلاً منهم كان في الحرم، فجاءه حجر ووقف في الهواء أربعين يوماً ينتظر ذلك الرجل، حتى خرج من الحرم فسقط عليه فقتله. قوله: (متتابع) أي في النزول. قوله: (عليها اسم من يرمى بها) أي مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يرمى به. قوله: (الحجارة أو بلادهم) هذان تفسيران في مرجع الضمير، قيل: يعود على الحجارة لأنها أقرب مذكور، وقيل: يعود على القرى المهلكة، وعلى الأول فهو وعيد عظيم لكل ظالم من هذه الأمة، ففي الحديث:" سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عن المراد بالظالمين، فقال له جبريل: يعني ظالمي أمتك، ما من ظالم منهم، إلا وهو بعرض حجر، يسقط عليه من ساعة إلى ساعة "قوله: ﴿ بِبَعِيدٍ ﴾ أي بمكان بعيد، بل بمكان قريب يمرون عليها في أسفارهم، قوله: ﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ ﴾ معطوف على قوله:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً ﴾[هود: ٢٥] عطف قصة على قصة، ومدين اسم قبيلة، سميت باسم جدهم مدين بن إبراهيم، ويسمى شعيب خطيب الأنبياء، لحسن مراجعته قومه. قوله: ﴿ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ﴾ أي في النسب لا الدين، لأنه ابن ميكائيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم. قوله: ﴿ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾ أمرهم بالتوحيد أولاً لأنه أهم الأشياء وأصلها، وغيره فرع، فإذا صلح الأصل صلح الفرع. قوله: ﴿ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ ﴾ نقص يتعدى لمفعولين: فالمفعول الأول قوله: ﴿ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ ﴾ والمفعول الثاني محذوف تقديره شيئاً، والمعنى لا تنقصوهما شيئاً أصلاً عند الأخذ ولا عند الدفع، فنقصهما عند الدفع ظاهر، ونقصهما عند الأخذ بأن يزيد على حقه في المبيع، وهو في الحقيقة نقص الثمن، قال تعالى:﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾[المطففين: ١-٣].
قوله: ﴿ إِنِّيۤ أَرَاكُمْ ﴾ أي فاقتنعوا بما أعطاكم الله، ولا تطففوا الكيل والميزان. قوله: (ووصف اليوم به) أي بقوله محيط. قوله: (مجاز) أي عقلي في الإسناد للزمان. قوله: ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ ﴾ كرر ذلك ثلاث مرات، أولها قوله: ﴿ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ ﴾، وثانيها قوله: ﴿ وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ ﴾، وثالثها قوله: ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ تأكيداً لكونهم مصرين على ذلك العمل القبيح منهمكين فيه. قوله: ﴿ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ أي أموالهم، ودخل في ذلك من يسوم السلع ينقص قيمتها، وهو مشهور تقتدي به الناس، فالواجب إعطاء كل سلعة قيمتها، وإعطاء كل ذي حق حقه، وحينئذ فهو عطف عام على خاص. قوله: ﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ هذا أعم مما قبله، والمعنى لا تكونوا من المفسدين في الأرض بالمعاصي، بل كونوا مصلحين لدينكم ودنياكم.