قوله: ﴿ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ ﴾ أي يكفينا بعض أمورنا إذا قوي وبلغ، أو يربح إذا أردنا بيعه. قوله: ﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾ أي نتبناه، وأو مانعة خلو تجوز الجمع، وهو المقصود لهما. قوله: (وكان حصوراً) أي لا يأتي النساء أو عقيماً. قوله: ﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾ إلى قوله: ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ معترض بين وصية العزيز، وما وقع من زوجته. قوله: (من القتل) أي الذي عزم عليه إخوته، وقوله: ﴿ والجب) أي الذي رموه فيه. قوله: (وعطفنا عليه قبل العزيز) أي خلقنا فيه الميل والمحبة، حيث دفع فيه المال الكثير، وأوصى زوجته عليه. قوله: { مَكَّنَّا لِيُوسُفَ ﴾ أي أعطيناه مكانة ورتبة عالية في الأرض. قوله: (حتى بلغ ما بلغ) أي من السلطنة والعز. قوله: (لنملكه) إما من الملك بكسر الميم، أي نجعله مالكاً لما فيها، أو من الملك بضمهما، أي نجعله سلطاناً على أهلها. قوله: (والواو زائدة) أي والمعنى: مكنا ليوسف في الأرض لنعلمه إلخ. قوله: (لا يعجزه شيء) أي لأنه يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، فلا راد لما قضاه. قوله: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾ جمع شدة كنعمة وأنعم، ولم يقل هنا واستوى كما قال في حق موسى، لأن موسى بلغ الأربعين وهي سن النبوة، فقد استوى وتهيأ لحمل أسرار النبوة، وأما يوسف فلم يكن إذ ذاك بلغ هذه السن. قوله: (حكمة) هي العلم مع العمل. قوله: ﴿ وَعِلْماً ﴾ عطف عام على خاص. قوله: (كما جزيناه) أي بكل خير. قوله: ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ أي فاعلي الإحسان، والمعنى: لا خصوصية ليوسف بذلك، بل سنة الله في خلقه، إن كل محسن له من الله الجزاء الحسن. قوله: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ ﴾ هذه الآية مرتبطة بقوله: ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ ﴾ إلخ، وما بينهما اعتراض قصد به بيان عواقب صبر يوسف، من السيادة والخير العظيم، والمراودة مفاعلة، وهي في الأصل تكون من الجانبين، ولكنها هنا من جانب واحد، ولما كان الجانب الآخر سبباً في حصول الفعل نزل منزلته، فقيل فيه مفاعلة، وذلك أن جمال يوسف سبباً لميلها وطلبها له، فالمفاعلة ليست على بابها، نظير مداواة المريض، فإن سبب المداواة المرض القائم بالمريض. (هي زليخا) أي يصرح باسمها، استهجاناً له وستراً وتعليماً للأدب، كأن يقول: من الآداب أن لا يذكر أحد زوجته باسمها، بل يكني عنها، ولم يذكر في القرآن اسم امرأة إلا مريم، وتقدم الجواب عنه بأن النصارى زعموا أنها زوجة الله، فذكرها باسمها رداً عليهم، كأنه يكني الرجال عن زوجته. قوله: (أي طلبت منه) اشار بذلك إلى أن المراودة من جانبها فقط. قوله: ﴿ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ ﴾ أي وكانت سبعة. قوله: ﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ أي بفتح الهاء والتاء ككيف. قوله: (وفي قراءة بكسر الهاء) أي مع فتح التاء كقيل، وقوله: (وأخرى) بضم التاء أي مع فتح الهاء كحيث، فهذه ثلاث قراءات، وبقي قراءتان وهما: هئت بكسر الهاء وبالهمزة الساكنة وفتح التاء وضمها وكلها سبعية. قوله: (واللام للتبيين) أي تبيين المفعول الذي هو المخاطب، كأنها تقول: الخطاب لك نظير سقياً لك ورعياً لك. قوله ﴿ مَعَاذَ ٱللَّهِ ﴾ منصوب على أنه مصدر نائب عن الفعل، والأصل أعوذ بالله معاذاً كسبحان الله بمعنى أسبح الله. قوله: ﴿ إِنَّهُ رَبِّيۤ ﴾ الهاء اسم إن، وربي خبرها، و ﴿ أَحْسَنَ ﴾ جملة حالية أو خبر ثان، وما درج عليه المفسر من أن الضمير للحال والشأن، ومراده بربه الذي اشتراه أحد تفسيرين، والآخر أن الضمير يعود على الله تعالى، وهو الأقرب والأظهر. قوله: ﴿ أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ تعهدي حيث أمرك بإكرامي، فلا يليق مني أن أخونه، وفيه إرشاد لها إلى رعاية حق العزيز بلطف. قوله: (قصدت منه الجماع) أي مع العزم والتصميم. قوله: (قصد ذلك) أي بمقتضى الطبع البشري من غير رضا ولا تصميم، كميل الصائم للماء البارد، ولكن يمنعه دينه عنه، وهذا لا يؤاخذ به الإنسان، بل في مدافعته الثواب الجزيل والأجر الجميل، فمخالفة النفس عن شهواتها، مع وجود ميل الطبع، أعلى وأجل من تركها لعدم الميل لها، ولذا يباهي الله بالشاب التارك لشهواته الملائكة الكرام، قال تعالى:﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴾[النازعات: ٤٠-٤١].
قوله: (قال ابن عباس) أي وفي رواية: أنه انفرج سقف البيت، فرأى يعقوب عاضاً على أصبعه، وفي رواية: إنه نودي يا يوسف أتواقعها؟ إنما مثلك ما لم تواقعها، مثل الطير في جو السماء لا يطاق عليه، وإنما مثلك إن واقعتها، مثل الطير إذا وقع على الأرض، لا يستطيع أن يدفع عن نفسه شيئاً، ومثلك ما لم تواقعها، مثل الثور الصعب الذي لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها، كمثله إذا مات ودخل النمل في قرنه، لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، وبالجملة فقد كثرت عليه الواردات في هذا الشأن.


الصفحة التالية
Icon