قوله: ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي ﴾ إلخ، إنما قال ذلك لكونها اتهمته، وإلا فلو سكتت، لما كان يوسف متكلماً بشيء من ذلك. قوله: ﴿ مِّنْ أَهْلِهَآ ﴾ أي ليكون أقوى في نفي التهمة عن يوسف، وهي منفية عنه بأمور منها: أنه خرج هارباً، والطالب لا يهرب، ومنها: كونها متزينة بأكمل الوجوه، ومنها: شقها للقميص من خلف. قوله: (ابن عمها) وقيل ابن خالها. قوله: (روي أنه كان في المهد) أي في الأحاديث الصحيحة وهو أحد قولين، وقيل كان كبيراً حكيماً، وكان في ذلك الوقت جالساً مع الملك، فلما رآهما خارج الباب، وحصل منهما ما حصل قال: ﴿ إِن كَانَ ﴾ إلخ، فكان ذلك على سبيل الفتيا. قوله: ﴿ إِن كَانَ قَمِيصُهُ ﴾ إلخ، إن قلت: إن القميص أمر ثان من قبل، فلا معنى للتعليق عليه، والجواب أن يقال: إن المعنى إن ثبت أن قميصه قد من قبل إلخ. قوله: ﴿ فَصَدَقَتْ ﴾ الكلام على تقدير قد لتصحيح دخول الفاء في الجواب، لأن جواب الشرط لا يقرن بالفاء، إلا إذا كان لا يصلح لمباشرة الأداة، وهذا ماض متصرف يصلح لمباشرتها. قوله: ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ أي فيما يتعلق بأمر الجماع والشهوة، وإلا فالرجال أعظم في الحيل والمكايد، وإنما وصف كيد النساء بالعظم، وكيد الشيطان الضعف، لأن كيد النساء أقوى، بسبب أنهن حبائل الشيطان فكيدهن مقرون بكيد الشيطان فهما كيدان، بخلاف كيد الشيطان دونهن فكيد واحد، ولذا قال بعضهم: أنا أخاف من النساء، أكثر مما أخاف من الشيطان، لأن الله تعالى يقول:﴿ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾[النساء: ٧٦] وقال في حق النساء ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾.
قوله: ﴿ وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ﴾ إن قلت: إنهم قوم مشركون فلا يعرفون ذنباً مع خالقهم، فما الذنب الذي يطلب الاستغفار منه؟ أجيب: بأن المراد بالذنب خيانتها لزوجها، وفي هذا إشارة إلى أن العزيز قليل الغيرة، ولذا قال بعضهم: إن تربة مصر تقتضي ذلك؟ ولذا لا ينشأ فيه الأسد، ولو دخل فيها لا يبقى. قوله: (الآثمين) أي برمي يوسف وهو بريء. قوله: (واشتهر الخبر) قدره إشارة إلى أن قوله:﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾[يوسف: ٣٠] مرتب على محذوف، وهذا الاشتهار منها، وذلك أنها أخبرت بعض النساء بذلك، وأمرتهن بالكتم فلم يكتمن.