قوله: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾ اختلف في عدتهن، فقيل خمس وقيل أربعون، وجمع بينهما، بأن أصل الإشاعة كان من خمس وهن: امرأة صاحب الملك، وامرأة صاحب دوابه، وامرأة خبازه، وامرأة ساقيه، وامرأة صاحب سجنه، ونسوة اسم جمع لا واحد له من لفظه. قوله: ﴿ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ ﴾ مبتدأ، وقوله: ﴿ تُرَاوِدُ فَتَاهَا ﴾ خبر أول، وقوله: ﴿ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً ﴾ خبر ثان، وحباً تمييز محول عن الفاعل، والأصل قد شغف حبه قلبها. قوله: ﴿ فَتَاهَا ﴾ الفتى هو الشاب القوي. قوله: (أي دخل حبه شغاف قلبها) الشغاف جلدة رقيقة على القلب، تمنع أذى الطعام والشراب عن القلب، وحينئذ يكون المعنى: أن حبه خرق تلك الجلدة، ووصل القلب وسكنه، وقيل: إن معنى شغفها صار محيطاً بقلبها كما يحيط الشغاف بالقلب، حتى لا تكاد تنظر لغيره. قوله: (خطأ) ﴿ مُّبِينٍ ﴾ أي حيث تركت ما يليق بها من العفة والستر وأحبت غير زوجها. قوله: ﴿ بِمَكْرِهِنَّ ﴾ أي حديثهن، وسمي مكراً لأنهن طالبن بذلك رؤية يوسف، لأنه قد وصف لهن حسنه وجماله، فتعلقن به وأحببن أن يرينه. قوله: (غيبتهن) إنما سميت الغيبة مكراً، لإخفائها عن المغتاب كما يخفى المكر. قوله: ﴿ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ﴾ أي وكن أربعين امرأة من أشراف المدينة، فصنعت لهن ضيافة عظيمة. قوله: ﴿ وَأَعْتَدَتْ ﴾ أي هيأت وأحضرت. قوله: ﴿ مُتَّكَئاً ﴾ سمي الطعام بذلك لأنه يتكأ عنده، على عادة المتكبرين من أكل الفواكه حال الإتكاء قوله: (وهو الأترج) بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم جمع أترجة، ويقال فيه ترنج، والأولى هي الفصحى. قوله: ﴿ سِكِّيناً ﴾ أي خنجراً، وكان من عادتهن أكل الفواكه واللحم بالسكين. قوله: ﴿ وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ﴾ أي وقد زينته بأحسن الزينة وحبسته في مكان آخر. قوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ ﴾ مرتب على محذوف تقديره فخرج فلما رأينه إلخ. قوله: (أعظمنه) أي هبنه ودهشن عند رؤيته من شدة حسنه وجماله، يقال إنه ورث حسن آدم يوم خلقه الله عز وجل قبل أن يخرج من الجنة، وقيل: إنهن أعظمنه لأنهن رأين عليه آثار النبوة والمهابة وعدم الالتفات إليهن، فوقع الرعب في قلوبهن وتعجبن منه. قوله: ﴿ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ أي جرحنها حتى سال الدم، قال وهب: مات منهن جماعة. قوله وقلن: ﴿ حَاشَ ﴾ بإثبات ألف بعد الشين وحذفها قراءتان سبعيتان، وهذا بالنظر للنطق، وأما في الرسم فلا تكتب فيه ألف بعد الشين. قوله: ﴿ مَا هَـٰذَا بَشَراً ﴾ أي معاذ الله أن يكون هذا بشراً، إنما هذا ملك كريم على ربه. قوله: ﴿ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ المقصود من هذا، إثبات الحسن العظيم ليوسف، لسماعهم أنه لا شيء أحسن من الملك، ولأنه لما كان الملك مطهراً من بواعث الشهوة مهاباً، لا تحكم عليه الصورة شبه به. قوله: (شطر الحسن) أي نصفه، والمعنى أن الله خلق حسناً، فأعطي يوسف نصفه، وقسم نصفه بين الخلائق.


الصفحة التالية
Icon