قوله: ﴿ قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ ﴾ إن قلت: إن في ذلك القول التقدم والإمارة، وهو لا يليق بالأخيار. أجيب: بأن محل هذا ما لم يتعين عليهم، وإلا فحينئذ يجب طلبها، وأيضاً ذلك بوحي من الله، وكان بين ذلك القول وتوليته على الخزائن سنة، وإنما أخره الملك سنة قبل التولية بالفعل مع مزيد رغبته فيه، ليشتهر قبل التولية بين أهل المملكة في أطراف القطر، ويصير معروفاً للخاص والعام، وأنه ذو المكانة والأمانة عند الملك. قوله: ﴿ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ تعليل لما قبله، ومفعول اجعل الثاني محذوف، والتقدير اجعلني أميناً على خزائن الأرض فإني حفيظ عليم. إن قلت: إن في هذا تزكية للنفس، وقد نهى الله عن ذلك بقوله:﴿ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ ﴾[النجم: ٣٢].
أجيب: بأن محل النهي حيث قصد بها الفخر والكبر على خلق الله، بخلاف ما إذا قصد بها إيصال النفع للغير والإخبار بالواقع، فلا ضرر في ذلك، بل ذلك من باب التحدث بالنعم، وهو مأمور به شرعاً.


الصفحة التالية
Icon