قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ ﴾ لما أخبر سبحانه وتعالى بقوله:﴿ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ ﴾[الرعد: ١١] رتب عليه قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ ﴾ إلخ، إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى منه الرحمة والعقاب. قوله: ﴿ ٱلْبَرْقَ ﴾ هو لمعان يظهر من خلال السحاب، وقيل لمعان المطراق الذي يزجر به السحاب. قوله: ﴿ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾ منصوبان على الحال من الكاف في يريكم، وليس مفعولاً لأجله، لعدم اتحاد الفاعل، فإن فاعل الإرادة الله، وفاعل الخوف والطمع العبيد، وبعضهم جعله مفعولاً لأجله، بتأويل يريكم بيجعلكم رائين فتخافون وتطمعون. قوله: (للمسافرين) لا مفهوم له بل المقيمون الذين يضرهم المطر، كمن يجفف الثمار والحبوب، وكذلك قوله: ﴿ وَطَمَعاً ﴾ (للمقيم) إلخ، لا مفهوم له أيضاً، بل المسافر المحتاج للمطر للشرب مثلاً، كذلك فالبرق تارة يكون خيراً، وتارة يكون شراً للمسافرين والمقيمين، فينبغي للإنسان أن يكون دائماً خائفاً راجياً، لأن الله تعالى قد يأتي بالخبر فيما ظاهره شر، ويأتي بالشر فيما ظاهره خير. قوله: ﴿ وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ﴾ هو ثمر شجرة في الجنة، يخلقه الله وينزل فيه الماء من السماء، فالسحاب من الجنة، وماؤه من الجنة، تهب الريح من تحت ساق العرش، فتخرج الحامل والمحمول من الجنة، وهذا مذهب أهل السنة، وقالت المعتزلة: إن السحاب له خراطيم كالإبل، فينزل فيشرب من البحر المالح ويرتفع في الجو، فتنسفه الرياح فيحلو، فينزله الله على من أراد من خلقه. قوله: (هو ملك موكل بالسحاب) إلخ، هذه هو المشهور بين المفسرين، وعليه فما نسمعه هو صوت تسبيح الملك الموكل بالسحاب، فإذا سمعته الملائكة، ضجت معه بالتسبيح، فعندها ينزل المطر، وقيل هو صوت الآلة التي يضرب بها السحاب.


الصفحة التالية
Icon