قوله: (أي يقول سبحان الله وبحمده) أي تنزيهاً له عن النقائص، واتصافاً له بالكمالات. قوله: (ملتبساً) أشار بذلك إلى أن الباء للملابسة. قوله: ﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾ قيل المراد بهم أعوان ملك السحاب، وقيل المراد جميع الملائكة. قوله: ﴿ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾ أي هيبته وجلاله. قوله: (وهي نار) إلخ، وقيل هي الصوت الشديد النازل من الجو، ثم يكون فيه نار. قوله: (تخرج من السحاب) أي فإذا نزلت من السماء، فربما تغوص في البحر فتقتل الحيتان. قوله: (نزل في رجل) أي من طواغيت العرب، وقد اختصرها المفسر، وحاصلها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه نفراً من أصحابه، يدعونه إلى الله تعالى ورسوله، فقال لهم: أخبرونا، من رب محمد الذي يدعوني إليه؟ فهل هو من ذهب أو فضة أم حديد أم نحاس؟ فاستعظم القوم كلامه، فانصرفوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما رأينا أكفر قلباً ولا أجرأ على الله تعالى من هذا الرجل، فقال: ارجعوا إليه فرجعوا، فبينما هم عنده يدعونه وينازعونه، ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم، فرعدت وبرقت ورمت بصاعقة فأحرقت الكافر وهم جلوس عنده، فرجعوا ليخبروا النبي صلى الله عليه وسلم، فبادرهم وقال لهم: احترق صاحبكم، فقالوا: من أين علمت؟ قال: قد أوحي إلي ﴿ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ ﴾.
قوله: (بقحف رأسه) بكسر القاف، عظم الرأس الذي فوق الدماغ. قوله: ﴿ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ ﴾ بكسر الميم من المماحلة وهي المكايدة، وقيل من المحل وهو القوة والأخذ وهو الأولى، ولذا مشى عليه المفسر. قوله: ﴿ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ ﴾ أي شرعها وأمر بها. قوله: (وهي لا إله إلا الله) أي مع عديلتها وهي محمد رسول الله، فهي كلمة الحق جعلت مفتاحاً للإسلام، فلا يقبل من أحد إلا بالإقرار بها. قوله: (بالياء والتاء) أما الياء فمتواترة، وأما التاء فشاذة، وكان المناسب للمفسر التنبيه عليها. قوله: ﴿ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم ﴾ أي لا يجيبونهم. قوله: ﴿ إِلاَّ ﴾ (استجابة) أشار بذلك إلى أن الكلام على تقديره مصدر مضاف إلى المفعول، والمعنى أن الأصنام التي يعبدها الكفار، لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر، فلا تجيب عابديها بشيء أصلاً، وقد ضرب الله مثلاً لعدم إجابتها لهم بقوله: ﴿ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ ﴾ إلخ، والمعنى أن من بسط كفيه للماء ليدخل في فيه لا يجيبه الماء، لعدم إشعاره ببسط كفيه وعطشه وعدم قدرته على ذلك، فكذلك من يدعو الأصنام لتدفع عنه كربة أو توليه نعمة، لا تجيبه بشيء لعدم قدرتها على ذلك لنفسها فضلاً عن غيرها. قوله: ﴿ وَمَا هُوَ ﴾ أي الماء. قوله: (عبادتهم الأصنام أو حقيقة) إلخ، هذان قولان في تفسير الدعاء، والأقرب الأول بدليل قوله أولاً ﴿ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾.
قوله: (ضياع) إنما كان دعاؤهم ضائعاً، لأنه طلب ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وأما دعاؤهم لله فليس بضائع، بل يستجيب لهم إن شاء، فإن كان بأمور الدنيا فظاهر، وإن كان بالجنة فيهديهم للإيمان، هذا هو الذي يجب المصير إليه؛ ويؤيده قوله تعالى:﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾[الأنفال: ٣٣]﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾[الأنفال: ٣٣] فإنها في مشركي مكة، وجملة ﴿ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ﴾ نتيجة ما قبلها.


الصفحة التالية
Icon