ومجازاة الله لهم في الآخرة قوله: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والواو عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أينكرون ما وعدناهم به من العذاب ولم يروا، إلخ. قوله: (نقصد أرضهم) أي أرض أهل مكة، فالمقصود نصر للنبي بزوال نعمة الكفار وملكه إياهم، قال تعالى:﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾[الأحزاب: ٢٧] الآية، فالمراد بنقص أطراف الأرض ملك كبرائها وخذلانهم، وما ذكره المفسر هو أحد قولين، والآخر أن المراد بالأرض جميعها، لا خصوص أرض الكفار، وبنقص أطرافها موت العلماء والأشراف والكبراء والصلحاء، وحينئذ فوجه مناسبة هذا لما قبله، كأن الله يقول: ألم ينظروا إلى التغيرات الحاصلة في الدنيا، من الخراب بعد العمارة، والموت بعد الحياة، والذل بعد العز؟ فإذا كان هذا مشاهداً لهم، فما المانع من أن الله يصير الكفار أذلاء بعد عزهم، ومقهورين بعد قدرتهم. قوله: ﴿ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ أي لا مغير ولا ناقص له. قوله: ﴿ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ أي فيحاسبهم في زمن يسير. قوله: ﴿ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً ﴾ أي لأنه الخالق لهم، العالم بأحوالهم، فهو يوصل إليهم العذاب من جهة لا يعلمون بها. قوله: (فيعد لها) أي يهيىء ويحضر. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: ﴿ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾ أي لأنه الخالق للمعجزات على يدي. قوله: ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ ﴾ معطوف على لفظ الجلالة، والمعنى أن الله ومن عنده علم الكتاب، فيهم الكفاية في الشهادة بيني وبينكم، وأل في الكتاب للجنس، فيشمل التوراة والإنجيل والفرقان، فقوله: (من مؤمني اليهود والنصارى) أي مطلقاً فهو قوله تعالى:﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾[الأنفال: ٦٤].