قوله: ﴿ كُلَّ حِينٍ ﴾ اختلف في مقداره، فقيل الحين كل سنة، لأن النخلة تثمر في كل سنة مرة، وقيل ستة أشهر، لأنه من وقت طلعها إلى طيبها كذلك، وقيل ثمانية أشهر، لأن حملها ظاهراً وباطناً كذلك، وقيل أربعة أشهر، لأنه من حين ظهورها إلى إدراكها كذلك، وقيل شهران، لأنه من وقت أكلها إلى قطع ثمرها كذلك، وقيل كل وقت، لأن ثمر النخل يؤكل دائماً، فيؤكل منها الطلع والبلح والبسر الرطب والتمر، وهو الأولى. قوله: (وعمله يصعد إلى السماء) قال تعالى:﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾[فاطر: ١٠] ووجه الشبه بين الإيمان والشجرة، أن الشجرة لها عرق راسخ وفرع عال وثمر يؤكل، الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان، فإذا أكثر الإسنان من ذكر هذه الكلمة، ظهرت عليه أنوارها، ولمعت في فؤاده أسرارها، فدام نفعه بها في العاجل والآجل، ومن هنا اختص الصوفية بها، بمعنى أنهم تلقوه عن أشياخهم بالسند المتصل وتعلقوا بها، فصارت شعارهم ودثارهم، ولذا قال السنوسي: فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها مستحضراً، لما احتوت عليه من المعاني، حتى تمتزج مع معناها بلحمه ودمه، فإنه يرى لها من الأسرار والعجائب، ما لا يدخل تحت حصر. قوله: (هي كلمة الكفر) أي كل ما يدل عليه. قوله: (هي الحنظل) حكمة التشبيه بها، أنها لا تغوص في الأرض، بل عروقها في وجه الأرض، ولا غصون لها تصعد إلى جهة السماء، بل ورقها يمتد على الأرض كشجر البطيخ، وثمرها رديء، وتسميتها شجراً مشاكلة، لأنها من النجم لا من الشجر، لأن الشجر ما له ساق، والنجم ما لا ساق له. قوله: اجتثت أي قلعت جثتها، والمعنى على الشبيه، أي كأنها لعدم ثبات أصلها وامتداد في الأرض، كالشيء المقلوع جثته. قوله: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ هذا راجح للمثل الأول. قوله: ﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ أي فلا يتزلزلون عن الدين إذا ابتلوا بالمصائب، كالقتل، وأخذ المال، وفقد الأحباب، والفتنات عند الممات، وغير ذلك، وهذه بشرى للمؤمنين، بأن إيمانهم ثابت في قلوبهم، لا يتزلزل أبداً بل يثبتهم الله دنيا وأخرى. قوله: (أي في القبر) خصه بالذكر، لأنه بعد سؤاله لا يفتنون في التوحيد، وإنما يكون حسابهم في الموقف على فروع الدين. قوله: (لما يسألهم الملكان) أي حين يحيي الله الميت، حتى يسمع قرع من كان ماشياً في جنازته، فيقعدانه ويقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأما المؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: نم نومة العروس، قد علمنا إن كنت لموقناً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون شيئاً فقلت مثل ما يقولون، فيضربانه بمطراق من نار، فيصيح صيحة يسمعه من في الأرض غير الثقلين، ويقولان له: لا دريت ولا تليت. قوله: ﴿ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾ أي يحكم لا معقب لحكمه، وهو جواب عن سؤال مقدر تقديره: لم هدى هؤلاء، وأضل هؤلاء؟ فأجاب: بأنه يفعل ما يشاء، فلا يسأل عما يفعل. قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ استفهام تعجيب، وهو خطاب لرسول الله ولكل عاقل. قوله: (أي شكرها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (هم كفار قريش) أي فنعم الله التي بدلوا شكرها كفراً، كون نسبهم أشرف الأنساب، وبلدهم أشرف البلاد، وكون الخلق تسعى إليهم ولا يسعون، فبدلوا ذلك، حيث كذبوا خير الخلق، وعبدوا الأصنام. قوله: ﴿ قَوْمَهُمْ ﴾ أي أتباعهم. قوله: ﴿ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴾ يقال بار يبور بواراً بالضم هلك، وبار الشيء بواراً كسد، فأطلق اللازم وأريد الملزوم، لأنه يلزم من الكساد والهلاك.