قوله: ﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ عطف عام على خاص، و ﴿ مِّن ﴾ قيل صلة على مذهب الأخفش، من زيادتها في الأثبات، أي آتاكم كل ما سألتموه، وقيل تبعيضية، أي آتاكم بعض كل ما سألتموه، أي احتجتم إليه، ولو لم يحصل سؤال بالفعل، فالمراد شأنكم تسألون عنه لاحتياجكم إليه، فإن الله أعطانا النعم من غير سؤال منا، والمعنى أعطى الله كل فرد، فرد، بعض، كل ما يحتاج إليه العالم، فأصول النعم اشترك فيها جميع العالم، عقلاء وغيرهم، مسلمين وكفاراً، وما يحتمل أنها موصلة وهو الأتم، والتقدير بعض كل ما سألتموه، أو مصدرية، والتقدير بعض كل مسؤولكم. قوله: (على حسب مصالحكم) جواب عما يقال: إن الإنسان لم يعط بعض كل ما سأل، فإنه قد يسأل السلطنة مثلاً ولا يعطاها، فأجاب: بأن هذه العطية ليست على حسب ما يصلح للعبد، بل على حسب مراد الله تعالى، فعطاياه سبحانه وتعالى، على حسب مراده في خلقه، فمنهم من جعل رزقه واسعاً، ومنهم من جعل رزقه ضيقاً، وهكذا. قوله: ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ﴾ أي أفرادها فإنها متناهية. قوله: (بمعنى إنعامه) أشار بذلك إلى أن المراد بالنعمة الأنعام، وهو صفة فعل، ودفع بذلك ما يقال، كيف يقول الله ﴿ لاَ تُحْصُوهَا ﴾، مع أن كل نعمة دخلت الوجود متناهية ويمكن عدها؟ فأجاب: بأن المراد بالنعمة الإنعام، بمعنى تجددها شيئاً فشيئاً، قوله: (الكافر) المراد به أبو جهل، لأنها نزلت فيه، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.