قوله: ﴿ ذَرْهُمْ ﴾ لم يستعمل لهذا الأمر ماض استغناء عنه بترك، بل يستعمل منه المضارع، وقد جاء منه الماضي قليلاً، قال عليه الصلاة والسلام" ذروا الحبشة ما وذرتكم "قوله: ﴿ يَأْكُلُواْ ﴾ مجزوم بحذف النون في جواب الأمر، وكذا قوله: ﴿ وَيَتَمَتَّعُواْ ﴾.
قوله: ﴿ وَيُلْهِهِمُ ﴾ مجزوم أيضاً بحذف الياء، وفيه ثلاث قراءات سبعية. كسر الهاء الثانية والميم وضمهما، وكسر الهاء وضم الميم، وأما الهاء الأولى فمكسورة لا غير، لأنها من بنية الكلمة. قوله: ﴿ ٱلأَمَلُ ﴾ فاعل ﴿ وَيُلْهِهِمُ ﴾.
قوله: (عاقبة أمرهم) قدره إشارة إلى أن مفعول ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ محذوف. قوله: (وهذا قبل الأمر بالقتال) أي قوله: ﴿ ذَرْهُمْ ﴾ الخ فهذه الآية منسوخة بآية القتال. قوله: (زائدة) أي في المفعول. قوله: (أريد أهلها) أي ففيه مجاز، إما بالحذف، أو مرسل من إطلاق المحل وإرادة الحال فيه. قوله: ﴿ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ﴾ الجملة حالية، والمعنى وما أهلكنا قرية في حال من الأحوال، إلا في حال أن يكون لها كتاب، أي أجل مؤقت لهلاكها، وجعلنا الواو حالية، أسهل من جعلها زائدة بين الصفة والموصوف. قوله: ﴿ مِنْ أُمَّةٍ ﴾ فاعل تسبق، و ﴿ مِنْ ﴾ لا زائدة في الفاعل للتأكيد قوله: ﴿ أَجَلَهَا ﴾ أي وهو الكتاب المتقدم. قوله: (يتأخرون عنه) أي الأجل. قوله: ﴿ وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ ﴾ نادوه صلى الله عليه وسلم على سبيل التهكم والاستهزاء، لا إقرار بأنه نزل عليه الذكر، ولذا قال المفسر (في زعمه) فدفع به ما قد يقال، إن في الآية مضاربة أولها لآخرها. قوله: ﴿ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ أي إنك لتقول قول المجانين، حيث تدعي أن الله نزل عليك الذكر، وقولهم هذا كقول فرعون﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾[الشعراء: ٢٧] والحاصل أنهم قالوا مقالتين: الأولى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ ﴾، والثانية ﴿ لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ ﴾ وقد رد الله ذلك على سبيل اللف والنشر والمشوش فقوله:﴿ مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ ﴾[الحجر: ٨] رد للثانية، قوله:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ ﴾[الحجر: ٩] رد للأولى. قوله: ﴿ لَّوْ مَا تَأْتِينَا ﴾ تستعمل ﴿ لَّوْ مَا ﴾ حرف تحضيض، وحرف امتناع لوجود، فالتحضيضية لا يليها إلا الفعل ظاهراً أو مضمراً، والامتناعية لا يليها إلا الأسماء لفظاً أو تقديراً، إذا علمت ذلك فهي هنا للتحضيض، ولذا فسرها بهلا. قوله: ﴿ بِٱلْمَلائِكَةِ ﴾ أي لتخبرنا بصدقك.


الصفحة التالية
Icon