قوله: ﴿ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ ﴾ جمع ريح، وهو جسم لطيف منبث في الجو سريع المرور. قوله: ﴿ لَوَاقِحَ ﴾ إما جمع ملقح من ألقح، وحينئذ فجمعه ملاقح، حذفت الميم تخفيفاً، أو جمع لاقح من لقح، يقال لقحت الريح إذا حملت الماء إلى السحاب، وأعلم أن الله سبحانه وتعالى، يرسل الرياح الأربعة لخدمة المطر، فريح الصبا تثير السحاب من ثمر شجرة في الجنة، وريح الشمال تجمعه، وريح الدبور تفرقه. قوله: (تلقح السحاب) أي تمج الماء فيه. قوله: (السحاب) أي فالمراد بالسماء كل ما علا وارتفع، ويصح أن يراد بالسماء حقيقتها، لأن أصل ماء المطر من السماء. قوله: ﴿ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ الكاف مفعول أول، والهاء مفعول ثاني، والمعنى جعلناه سقياً لكم ولأرضكم ومواشيكم. قوله: (أي ليست خزائنه بأيديكم) أي بل خزائنه عند الله، فهو من مشمولات. قوله:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ ﴾[الحجر: ٢١].
قوله: ﴿ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ﴾ أي جميع الخلق، وإن حرف توكيد ونصب، ونا اسمها، وجملة ﴿ نُحْيِي ﴾ خبرها، وقوله: ﴿ لَنَحْنُ ﴾ ضمير منفصل توكيد لنا، لا ضمير فصل، لما تقدم أنه مردود بأن ضمير الفصل لا يقع إلا بين اسمين، وهنا ليس كذلك. قوله: ﴿ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ ﴾ الوارث في الأصل، هو الذي يأخذ المال بعد موت مورثه، ثم أطلق الإرث وأريد لازمه، وهو البقاء بعد فناء غيره، فإنه يلزم من أخذ الوراث مال الموروث بقاؤه بعد موت صاحبه، فهو سبحانه وتعالى وارث جميع الخلق بمعنى أنه يبقى بعد فنائهم. قوله: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ ﴾ أي علماً تفصيلياً، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. قوله: (المتأخرين) أشار بذلك إلى أن السين والتاء في المستقدمين والمستأخرين زائدتان، والمعنى أن عمله محيط بجميع خلقه، متقدمهم ومتأخرهم، طائعهم وعاصيهم، لا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه. قوله: ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ أي يجمعهم للحساب، ثم بعد ذلك ينقسمون فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير. قوله: ﴿ مِن صَلْصَالٍ ﴾ الصلصال بمعنى المصلصل، كالزلزال بمعنى المزلزل، ووزنه فعلال بتكرار اللام، فقلبت الأولى منهما من جنس فاء الكلمة، والصلصال طور رابع من أطوار آدم الطينية، لأنه أولاً كان تراباً ثم عجن بأنواع المياه فصار طيناً، ثم ترك حتى أنتن واسود، فصار حماً مسنوناً، ثم يبس بعد تصويره فصار صلصالاً، ثم نفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين سنة، أربعين وهو طين، وأربعين وهو حماً مسنون، وأربعين وهو صلصال مصور، وهكذا أطوار أولاد آدم، تمكث النطفة في الرحم أربعين يوماً، ثم تصير علقة مثل ذلك، ثم تصير مضغة مثل ذلك، ثم تنفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يوماً. قوله: (متغير) أي من طول مكثه حتى يتخمر.


الصفحة التالية
Icon