قوله: (وقيل من السماوات) وهذا الخلاف مرتب على الخلاف في أن السجود لآدم، هل كان في الجنة أو خارجها، فمن قال بالأول، جعل الضمير في منها عائداً على الجنة، ومن قال بالثاني، جعله عائداً على السماوات. قوله: ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ أي مرجوم، والرجم كما في القاموس: اللعن والشتم والطرد والهجران. قوله: ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ ﴾ أي وبعد ذلك يزداد عذاباً على اللعنة التي هو فيها وقوله: ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ قصد اللعين بذلك أنه لا يموت أبداً، لأنه إذا أمهل إلى يوم البعث، الذي هو يوم النفخة الثانية، فقد أمهل إلى الأبد، لانقطاع الموت حينئذ، وقصد أيضاً الفسحة في الأجل، لأجل الإغواء، فأجابه الله إلى الثانية دون الأولى. قوله: (وقت النفخة الأولى) أي فيموت في جملة الخلائق، ثم يبعث مع الناس، فمدة موته أربعون سنة، ولم يكن هذا الإمهال إكراماً له، بل إهانة وشقاوة ليزداد عذابه. قوله: (والباء للقسم) وقيل للسببية. قوله: ﴿ لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ ﴾ الضمير عائد على أولاد آدم، وإن لم يتقدم لهم ذكر للعلم بهم. قوله: ﴿ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ أي الذين أخلصوا في أعمالهم، فلا تسلط لي عليهم. قوله: ﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ أي هذا دين مستقيم لا اعوجاج فيه، فعليّ حفظه تفضلاً وإحساناً. قوله: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ حاصل ذلك، أن إبليس لما قال ﴿ لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ أوهم بذلك أن له سلطاناً على غير المخلصين، فبين تعالى أنه ليس له سلطان على أحد من العباد، لا من المخلصين، ولا من غيرهم، بل من اتبعه، فهو من طرد الله لا من سلطنة إبليس، ويؤيده قوله في الآية الأخرى﴿ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾[النساء: ٧٦] وتقييد المفسر بالمؤمنين نظراً للصورة. قوله: (لكن) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع. قوله: ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ﴾ أي وأعلاها جهنم، وهي لعصاة المؤمنين، ثم لظى لليهود، ثم الحطمة للنصارى، ثم السعير للصابئين، ثم سقر للمجوس، ثم الجحيم لعباد الوثن، ثم الهاوية للمنافقين. قوله: ﴿ لِكُلِّ بَابٍ ﴾ أي طبقة من أطباقها. قوله: ﴿ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ أي حزب معد لها. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ أي الذين اتقوا الشرك، وهم المؤمنون ولو عصاة، لأن المتقي هو الآتي بالتقوى ولو مرة واحدة، غير أن العاصي، إذا مات مصراً على المعاصي تحت الشميئة، إن شاء الله عذبه مدة، ثم يعفو عنه بشفاعة النبي صلى لله عليه وسلم، وإن شاء لم يعذبه، وهذا مو مذهب أهل السنة والجماعة، وقال أبو هاشم الجبائي وجمهور المعتزلة: إن المتقين هم الذين اتقوا جميع المعاصي، فلا يثبت دخول الجنة، إلا لمن ترك جميع المعاصي، وهذا مذهب باطل، لمخالفته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، والذي يجب الإيمان به، أن الجنة تملك بالموت على كلمة التوحيد، ولو صحبها أمثال الجبال من المعاصي، غير أن أهل الجنة مراتب. قوله: ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ يحتمل أن المراد بها الأنهار التي قال فيها﴿ مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ ﴾[محمد: ١٥] الآية، ويحتمل أن تكون زيادة عليها، وهل كل مؤمن له عدة بساتين وعدة أنهار، أو كل له بستان ونهر، لمقابلة الجمع بالجمع.