قوله: ﴿ أَبَشَّرْتُمُونِي ﴾ هكذا بهمزة الاستفهام في قراءة الجمهور، وقرىء شذوذاً بحذفها، فيحتمل الإخبار والاستفهام، وحذفت أداته للعلم بها. قوله: ﴿ عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ ﴾ أي فكان عمره إذ ذاك مائة واثنتي عشرة سنة. قوله: ﴿ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ الجار والمجرور متعلق بتبشرون، وقدم لأن الاستفهام له صدر الكلام، وقرأ العامة بفتح النون مخففة على أنها نون الرفع، وقرأ نافع بكسرها مخففة، وابن كثير بكسرها مشددة. قوله: (استفهام تعجب) أي من أن يولد له ولد مع مس الكبر إياه، وتعجبه بالنظر للعادة لا بالنظر لقدرة الله تعالى، ولذا دفع ذلك بقوله: ﴿ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ ﴾.
قوله: ﴿ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ ﴾ أي اليقين الذي لا لبس فيه. قوله: (أي لا) ﴿ يَقْنَطُ ﴾ أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: (بكسر النون وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان، وقرىء شذوذاً بضم النون. قوله: ﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ ﴾ أي الذي أرسلتم لأجله سوى البشارة فإن البشارة يكفي فيها واحد، فلا تحتاج لعدد. قوله: ﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ ﴾ يحتمل أن يكون مستثنى من الأرسال، والمعنى إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين، إلا آل لوط، فلم نرسل لهلاكهم، بل أرسلنا لنجاتهم، وحينئذ يكون الاستثناء متصلاً، أو مستثنى من قوم مجرمين، فهو منقطع، لأنهم لم يدخلوا في القوم المجرمين، ويشير للثاني قول المفسر لإيمانهم. قوله: ﴿ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ ﴾ الأقرب أنه مستثنى من ضمير منجوهم. قوله: ﴿ قَدَّرْنَآ ﴾ إسناد التقدير للملائكة مجاز، إذ المقدر حقيقة هو الله تعالى، وهذا كما يقول خواص الملك: أمرنا بكذا، والآمر هو الملك. قوله: (الباقين في العذاب) أي فيقال غبر الشيء بقي، ويقال أيضاً مضى، فهو من الأضداد. قوله: ﴿ فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ﴾ أي بعد أن خرجوا من عند إبراهيم، وسافروا لقرية لوط، وكان بينهما أربعة فراسخ. قوله: (أي لوطاً) أشار بذلك إلى أن لفظة آل زائدة، بدليل الآية الأخرى﴿ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً ﴾[هود: ٧٧].
قوله: ﴿ مُّنكَرُونَ ﴾ أي تنكركم نفسي وتجزع منكم، وإنما جزع منهم، لخوفه من قومه عليهم، بدليل آية هود﴿ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾[هود: ٧٧].