قوله: ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ أي ما تخفون من العقائد والأعمال، وما تظهرونه من ذلك. قوله: (بالياء والتاء) فهما قراءتان سبعيتان في قوله: ﴿ يَدْعُونَ ﴾ فقط، وأما ﴿ تُسِرُّونَ ﴾ و ﴿ تُعْلِنُونَ ﴾ فبالتاء الفوقية سبعية، والياء التحتية شاذة. قوله: ﴿ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ ليس تكراراً مع قوله:﴿ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ ﴾[النحل: ١٧] لأنه أولاً أفاد أنهم لا يخلقون شيئاً، وهنا أفاد أنهم مع كونهم لم يخلقوا شيئاً، هم مخلوقون، ففيه زيادة فائدة. قوله: (خبر ثان) أي والأول قوله: ﴿ يُخْلَقُونَ ﴾ وقوله: ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ خبر ثالث. قوله: (أي الخلق) ويصح أن يعود الضمير على الأصنام، والمعنى أن الأصنام لا تشعر متى يبعثها الله، قال ابن عباس: إن الله تعالى يبعث الأصنام، لها أرواح ومعها شياطينها، فتتبرأ من عابديها، فيأمر الله بالكل إلى النار. قوله: ﴿ إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ هذا نتيجة ما قبله، أي فحيث ثبت أنه الخالق لتلك الأشياء المتقدم ذكرها، فقد تقرر أنه المعبود المتصف بالوحدة في الذات والصفات والأفعال، فلا شريك له فيها قوله: ﴿ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾ أي لا يصدقون بها، وما يحصل فيها من بعث وحساب وجزاء وهذا نتيجة قوله:﴿ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾[النحل: ١] وحينئذ فيكون المعنى: أتى أمر الله، فآمنوا وصدقوا أخبارنا ولا تنكروها، فالذين لا يؤمنون الخ. قوله: (متكبرون) أشار بذلك إلى أن السين مزيدة للتوكيد. قوله: ﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ تقدم أن فيها ثلاثة أوجه، أحسنها أن ﴿ لاَ ﴾ نافية، ومنفيها محذوف، و ﴿ جَرَمَ ﴾ فعل ماض بمعنى حق وثبت، وأن وما دخلت عليه في محل رفع فاعل، وحينئذ يصير المعنى: لا عبرة بإنكار الكفار واستكبارهم، بل حق وثبت، علم الله بما يسرونه وما يعلنونه، وعلى هذا فقول المفسر (حقاً) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره حق حقاً. قوله: (بمعنى أنه يعاقبهم) روي عن الحسين بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسراً لهم وهم يأكلون فقالوا: الغذاء يا أبا عبدالله، فنزل وجلس معهم وقال: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ ثم أكل، فلما فرغوا قال: قد أجبتكم فأجيبوني، فقاموا معه إلى منزله، فأطعمهم وسقاهم وأعطاهم فانصرفوا، وفي الحديث" إن المتكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة، تطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم "قوله: (ونزل في النضر بن الحرث) أي في شأنه وسببه. وكان عنده كتب التواريخ، ويزعم أن حديثه أحسن مما أنزل على محمد.


الصفحة التالية
Icon