قوله: ﴿ وَٱشْكُرُواْ لِي ﴾ الحق أنه يتعدى بنفسه وباللام والمعنى واحد وهو من عطف الخاص على العام، والنكتة في ذلك بيان أعلى المقاصد في الذكر، فإن المقاصد في الذكر مختلفة، فمن قصد بذكره الدنيا فقط فهو دنيء، ومن قصد بذكره دخول الجنة والنجاة من النار فهو أعلى من الأول، ومن قصد بذكره شكر الله على خلقه إياه وإنعامه عليه ولم يقصد غيره فهو من المقربين لما في الحديث" أفلا أكون عبداً شكوراً ". قوله: ﴿ وَلاَ تَكْفُرُونِ ﴾ أي لأن حقيقة الشكر أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، فمعنى لا تكفرون لا تصرفوا نعمي في غير ما خلقتها له. قوله: (على الطاعة) أي على دوامها سواء كانت الطاعة فعلاً أو تركاً. قوله: (والبلاء) أي المصائب بأقسام الصبر ثلاثة: صبر على الطاعة بدوام فعلها، وصبر عن المعصية بدوام تركها، وصبر على البلاء بحمد الله وشكره عليها فيكون شاكراً على السراء والضراء، وأعظمها الصبر عن المعاصي، وأقل منه الصبر على الطاعة، وأقل منهما الصبر على البلاء لأنه ورد أن الصابر على البلاء يرفعه الله ثلاثمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض مرة والصابر على دوام الطاعة يرفعه يرفع الله ستمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض مرة والصابر عن المعصية يرفعه الله تسعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ثلاث مرات.


الصفحة التالية
Icon