قوله: ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ أي فلا يعصون ربهم أبداً، بل هم ممتثلون لأمره مجتنبون لنهيه. قوله: ﴿ وَقَالَ ٱللَّهُ ﴾ أي لعباده. قوله: ﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ ﴾ ﴿ لاَ ﴾ ناهية، و ﴿ تَتَّخِذُواْ ﴾ مجزوم بحذف النون، والواو فاعل، و ﴿ إِلـٰهَيْنِ ﴾ مفعول أول، و ﴿ ٱثْنَيْنِ ﴾ تأكيد له، والمفعول الثاني محذوف تقديره معبوداً، ويعلم من النهي عن اتخاذ اثنين، النهي عن اتخاذ الأكثر بالأولى. قوله: ﴿ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ أتى به لإثبات الألوهية والوحدانية، والمعنى أن المعبود لا يكون إلا واحداً، وإلا لم يوجد شيء من العالم، قال تعالى:﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾[الأنبياء: ٢٢] وقال تعالى:﴿ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾[المؤمنون: ٩١].
قوله: ﴿ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ ﴾ إياي مفعول لفعل محذوف، يفسره قوله ارهبون، أي ارهبوا إياي فارهبون، والمعنى لا تخافوا غيري، فإن النفع والضر بيدي، والألوهية وصفي، فلا تخشوا غيري، ولا ترجوا غيري. قوله: (وفيه التفات عن الغيبة) أي إلى التكلم، لأنه أبلغ في التخويف. قوله: ﴿ وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ فيه التفات من المتكلم للغيبة، وهذا دليل على أنه المنفرد بالألوهية والوحدانية، إذ غيره لا يخلو، إما أن يكون في السماوات أو الأرض، وكل بما فيها مملوك لله، فلا يصح ولا يليق اتخاذ غيره إلهاً. قوله: (ملكاً وخلقاً وعبيداً) أي فجميع ما في السماوات والأرض مملوكون مخلوقون له، يتصرف فيهم كيف يشاء. قوله: ﴿ وَلَهُ ٱلدِّينُ ﴾ أي التدين والانقياد لا لغيره، فالطاعة لا تكون إلا لله وحده، وطاعة الرسول والوالدين وأولي الأمر، من طاعة الله لأمره بها. قوله: (والعامل فيه معنى الظرف) أي الاستقرار المفهوم من الجار والمجرور، والمعنى استقر الدين له حال كونه دائماً، وهذا ظاهر على أن ﴿ ٱلدِّينُ ﴾ فاعل بالجار والمجرور، وأما إن جعل الدين مبتدأ مؤخراً، والجار والمجرور خبراً مقدماً، فلا يصح ما قاله المفسر، لأن العامل في الحال، هو العامل في صاحبها، والمبتدأ ليس معمولاً للخبر، وحينئذ فالأولى أن يجعل حالاً من الضمير الكائن في الظرف، والتقدير والدين ثابت له حال كونه واصباً. قوله: ﴿ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف تقديره أتركتم عبادة الله ومخافته فغير الله تتقون. قوله: (والاستفهام للإنكار) أي والمعنى لا يليق منكم، أي تتقوا غيره، ولا تطيعوا غيره، إلا إذا كان الآمر بذلك هو الله، كطاعة الوالد والرسول، ففي الحقيقة التقوى لله. قوله: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ ﴾ أي دنيوية أو أخروية. قوله: (وما شرطية) أي وفعل الشرط محذوف، والتقدير أيما نزل بكم، وقوله: ﴿ فَمِنَ ٱللَّهِ ﴾ جواب الشرط، وقوله: ﴿ مِّن نِّعْمَةٍ ﴾ بيان لما، ويرد عليه أنه لا يحذف فعل الشرط، إلا بعد إن في موضعين: الأول في باب الاشتغال نحو: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره. الثاني أن تكون لا النافية تالية، لأن مع وجود ما يدل على الشرط، كقول الشاعر: فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسامفإن لم توجد لا، أو كانت الأداة غير إن، لم يحذف إلا لضرورة، فالأحسن الإعراب الثاني. قوله: (أو موصولة) أي بمعنى الذي، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صلة ما، و ﴿ مِّن نِّعْمَةٍ ﴾ بيان لما وهو مبتدأ: وخبره قوله: ﴿ فَمِنَ ٱللَّهِ ﴾ والفاء زائدة في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط، والمعنى أن الله هو مولى النعم لا غيره، وتسمية غيره منعماً، باعتبار أن النعم أجريت على يده، وهو مظهر لها. قوله: ﴿ تَجْأَرُونَ ﴾ من الجؤار بوزن غراب، وهو رفع الصوت بالدعاء، في كشف ما نزل من الضر. قوله: ﴿ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ ﴾ أي أزاله بإيصال النفع لكم.